للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه، حتى ينتهى بالحديث موصولاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو إلى من انتهي به إليه دونه، لأن كل واحد منهم مثبت لمن حدثه، ومثبت على من حدث عنه، فلا يستغنى في كل واحد منهم عما وصفت." (١)

تعريف الحميدي (٢) (ت ٢١٩ هـ):

قال رحمه الله:

" فإن قال قائل: فما الحديث الذي يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويلزمنا الحجة به؟ قلت: هو أن يكون الحديث ثابتاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , متصلاً غير مقطوع, معروف الرجال, أو يكون حديثاً متصلاً حدثنيه ثقة معروف عن رجل جَهِلْتُه وعَرَفَه الذي حدثني عنه, فيكون ثابتاً يعرفه من حدثنيه عنه حتى يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - , وإن لم يقل كل واحد ممن حدثه: سمعت, أو حدثنا, حتى ينتهي ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - , وإن أمكن أن يكون بين المحدِّث والمحدَّث عنه واحد أو أكثر, لأن ذلك عندي على السماع لإدراك المُحدِّث من حدث عنه حتى ينتهي ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - , ولازم صحيح يلزمنا قبوله ممن حمله إلينا, إذا كان صادقاً مدركاً لمن روى ذلك عنه, ... قال: فهذا الظاهر الذي يُعمل به, والباطن ما غاب عنا من وهم المحدث وكذبه ونسيانه, وإدخاله بينه وبين من حدث عنه رجلاً

وأكثر, وما أشبه ذلك مما يمكن أن يكون ذلك على خلاف ما قال, فلم نُكلَّف علمه إلا بشيء ظهر لنا , فلا يسعنا حينئذ قبوله لما ظهر لنا منه". (٣)


(١) المرجع السابق، ٣٧٠ - ٣٧٢، قال رحمه الله: "وإذا ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشيء فهو اللازم لجميع من عرفه، لا يقويه ولا يوهنه شيء غيره، بل الفرض الذي على الناس اتباعه، ولم يجعل الله لأحد معه أمرا يخالف أمره."المرجع السابق ٣٣٠.
وقد استطردت في ذكر شروط الصحيح عند الشافعي اقتداءً بابن رجب الحنبلي الذي ذكرها في شرحه لعلل الترمذي بعد قوله: " أما الصحيح من الحديث: وهو الحديث المحتجُّ به فقد ذكر الشافعي رحمه الله شروطه بكلام جامع". قال محقق الكتاب الدكتور نورالدين عتر -مُعلِّقاً على ذلك-: "وهذا أقدم تعريف مدوّن يصلنا للحديث الصحيح. ابن رجب، شرح علل الترمذي، تحقيق: نور الدين عتر، ١/ ٣٤٥ - ٣٤٦.
(٢) عبدالله بن الزبير بن عيسى القرشي الأسدي، أبو بكر الحميدي، المكي، من شيوخ البخاري، ثقة حافظ فقيه أجلُّ أصحاب ابن عيينة، قال الحاكم كان البخاري إذا وجد الحديث عند الحميدي لا يعدوه إلى غيره. ينظر: الذهبي، الكاشف، ١/ ٥٥٢ (٢٧٢١)، ابن حجر، التقريب، ٣٠٣ (٣٣٢٠).
(٣) أخرجه الخطيب البغدادي في كتابه الكفاية، ٢٤. وقد ذكر محقق كتاب معرفة علوم الحديث للحاكم -الدكتور أحمد فارس السلّوم- في مقدمة تحقيقه أن للحميدي رسالة صغيرة في من يقبل حديثه ويُردّ، وقد أفادني مشكوراً هو والدكتور سعد الحميّد بأنني سأجد بعضاً من نصوصها في مقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، وفي الكفاية للخطيب البغدادي. والحميدي من تلاميذ الإمام الشافعي، وفي نفس الوقت =

<<  <   >  >>