للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- أنه في تدليس الشيوخ خصّ التغيير والتبديل في اسم شيخ الراوي، وذكر لذلك دوافع متعددة، بينما في تعريفه للاضطراب قد يطرأ التغيير على اسم أي راوٍ من رواة السند، والدافع لتبديل أسمائهم في الغالب لكونهم رواة ضعفاء. (١)

ولعل لذلك علاقة بصنيع الحاكم حين ذكر تحت النوع السادس والعشرين من علوم الحديث (نوع معرفة المدلسين) ثم ذكر أجناسهم، وخصّ: الجنس الرابع من المدلسين

بأنهم: "قوم دلسوا أحاديث رووها عن المجروحين فغيروا أساميهم وكناهم، كي لا يعرفوا" (٢)، ومثّل له بمثال موصوف بالاضطراب (٣).


(١) ملاحظة: يجدر بالذكر أن ابن الصلاح ومن بعده ذكروا اشتهار الخطيب بتدليس الشيوخ في مروياته ابن الصلاح، علوم الحديث، ٧٦.
وقد ذكر أمثلة لذلك فقال: "والخطيب الحافظ يروي في كتبه، عن أبي القاسم الأزهري، وعن عبيدالله ابن أبي الفتح الفارسي، وعن عبيدالله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، والجميع شخص واحد من مشايخه.
وكذلك يروي عن الحسن بن محمد الخلال، وعن الحسن بن أبي طالب، وعن أبي محمد الخلال، والجميع عبارة عن واحد.
ويروي أيضا عن أبي القاسم التنوخي، وعن علي بن المحسن، وعن القاضي أبي القاسم علي ابن المحسن التنوخي، وعن علي بن أبي علي المعدل، والجميع شخص واحد، وله من ذلك الكثير، والله أعلم." المرجع السابق، ٣٢٤.
قال العراقي في شرح التبصرة "وقد يكون الحامل على ذلك إيهام كثرة الشيوخ بأن يروي عن الشيخ الواحد في مواضع، يعرفه في موضع بصفة، وفي موضع آخر بصفة أخرى يوهم أنه غيره. وممن يفعل ذلك كثيرا الخطيب، فقد كان لهجا به في تصانيفه ... "، وقد نقل البقاعي في النكت الوفية استدراك ابن حجر على شيخه العراقي فيما ذهب إليه، فقال: "ولم يكن الخطيب يفعله إيهاما للكثرة، فإنه مكثر من الشيوخ والمرويات، والناس بعده عيال عليه، وإنما يفعل ذلك تفننا في العبارة، وربما أدت ضرورة التصنيف إلى تكرار الشيخ الواحد عن قرب، فينوع أوصافه لئلا يصير مبتذلا ينفر السمع منه؛ للتكرار المحض، والله أعلم."
قال نور الدين عتر في منهج النقد: "وكثيرا ما يقصد المحدث من ذلك امتحان أذهان الطلاب واختبار المشتغلين بالعلم، ولفت نظرهم إلى حسن التأمل في الرواة وأحوالهم وأنسابهم، وغير ذلك. وذلك فيما يبدو لنا من مقصد الخطيب في تدليسه، فإنه كثير الشيوخ جدا، وتدليسه كان لهذا الغرض، والأمثلة التي أوردناها من كلامه قد أمكن كشف الراوي فيها بالتأمل والنظر.". ينظر المراجع: العراقي، شرح التبصرة، ١/ ٢٤١، البقاعي، النكت، ١/ ٤٤٩، السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٣٨، السيوطي، التدريب، ١/ ٢٦٥، عتر، منهج النقد، ٣٨٦. (١/ ٢٤١)
(٢) الحاكم، علوم الحديث، ١٠٣.
(٣) مثال ذلك: "قال علي بن المديني: حدثنا يعلى بن عبيد, عن محمد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أهدى مائة بدنة فيها جمل لأبي جهل)). قال ابن المديني: فكنت أرى أن هذا من صحيح حديث ابن إسحاق، فإذا هو قد دلسه حدثنا يعقوب ابن إبراهيم بن سعد, عن أبيه, عن محمد بن إسحاق, قال: حدثني من لا أتهم، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, فإذا الحديث مضطرب." المرجع السابق، ١٠٧، ينظر: الدارقطني، العلل، ٣/ ٢٧١ ح (٤٠٠).

<<  <   >  >>