للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قُدِّم ولا يُعَل الصحيح بالمرجوح.

ثانيهما: مع الاستواء أن يتعذر الجمع على قواعد المحدثين ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث." (١)

- تجدر الإشارة إلى أن أمثلة الحديث الموصوف بالاضطراب في كتب نقّاد الحديث، تحوي عدداً ليس بالقليل مما وُصف بالاضطراب مع وجود ترجيح لأحد رواياته أو بعضها، (٢) ويُعدّ هذا إشكالاً في ظل اشتراط عدم إمكانية الجمع أو الترجيح بين الروايات، وتحتمل الإجابة عن هذا الإشكال عدداً من الأجوبة، وهي كما يلي:

١ - أن هناك من يصف الحديث بالاضطراب لمجرد الاختلاف بين الروايات، سواء تكافأت الروايات أو تفاوتت.

٢ - أنهم وصفوا الحديث بالاضطراب بالنسبة إلى طريق أو راوٍ.

٣ - أنه ترجيح افتراضي لا أثر له بل تظل معه الروايات مضطربة وإنما قال بترجيحه؛ لأنه أحسنها في الظاهر.

٤ - أنه قد يخفى وجه الترجيح على بعض أهل العلم فيحكم بالاضطراب، ثم يلوح لآخر فينفي عنه الاضطراب.


(١) ابن حجر، هدي الساري، ٣٤٨ - ٣٤٩.
(٢) "قلت: وقع في عبارات بعض الأئمة من المتقدمين ما يدل على أنهم قد يُطلقون وصف الاضطراب على المعنى اللغوي: بمعنى الاختلاف في الروايات والطرق، ويرجحون طريقا على أخرى.
ولكن هذا لا يمنع من أن المضطرب بمعناه الاصطلاحي كان متداولاً بينهم، فكم من حديثٍ وصفوا طرقه بالاختلاف والتعارض، ولم يرجحوا فيه وجها على وجه، وقد يقع الاضطراب في السند، كما قد يقع في المتن، والأكثر شيوعا الأول، وقد يقع الاضطراب من الثقة وقد يقع من الضعيف المتكلّم فيه، والأكثر شيوعا وقوعه من الضعيف لقلة ضبطه." سليم، ما لا يسع جهله، ١١٦ - ١١٧، ينظر كذلك: العوني، شرح الموقظة، ١٣٨.

<<  <   >  >>