للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمدرج نوع من أنواع المعلول، ولا يُعدّ الكشف عن علة الإدراج في الحديث مما يتهيأ بيسر، بل هو صورة من الصور الخفية لعلل الحديث، ولا يُعرف إلا بالجمع والمقارنة والحفظ والمعرفة إضافة إلى رصيد معتبر من الخلفيات الحديثية. (١).

وإطلاق وصف الإدراج على بعض الأحاديث موجود في كلام الأئمة النقاد (٢)، ولعل أقدم من ذكر حدّاً للمدرج هو الإمام الحاكم في معرفة علوم الحديث.

تعريف الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ هـ):

قال الحاكم في كتابه "معرفة علوم الحديث" تحت النوع الثالث عشر: "معرفة المدرج في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كلام الصحابة، وتلخيص كلام غيره من كلامه - صلى الله عليه وسلم - ". (٣)

تعريف الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ):

لقد صنَّف الخطيب البغدادي كتاباً في الأحاديث المدرجة، واسمه (الفصل للوصل المدرج في النقل) ذكر فيه أنواعاً وأقساماً للحديث المدرج (٤)، فقال:

هذا كتاب ذكرت فيه أحاديث يشكل شأنها على جماعة من أصحاب الحديث والأثر، ... فمنها: أحاديث وصلت متونها بقول رواتها وسيق الجميع سياقة واحدة، فصار الكل مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) ينظر: الجديع، التحرير، ٢/ ١٠١٦، حمزة عبدالله مليباري، الحديث المعلول قواعد وضوابط، ٨١.
(٢) لعل أول من استعمل مصطلح المدرج هو ابن المديني. ينظر: شرف محمود القضاة، حميد يوسف قوفي، المدرج وعلاقته بمباحث المصطلح الأخرى، ٢ - ١٠. ينظر: ابن المديني، العلل، ٧٧ ح (١١٦)، الترمذي، العلل، ٢٠٩ ح (٣٧٤)، ٣٧٨ ح (٧٠٤)، ابن أبي حاتم، العلل، ٥/ ٢٣٢ ح (١٩٤١)، الدارقطني، العلل، ٢/ ٩٥ ح (١٣٧)، ٣/ ٥٧ ح (٢٨٣)، ٥/ ١٢٨ ح (٧٦٦).
(٣) الحاكم، علوم الحديث، ٣٩، ليس المدرج خاصاً بما يُدرج في الحديث من كلام الصحابي كما يظهر، ... وإنما يريد التنويه بنوع منه، وهو ما كان من كلام الصحابة؛ ليدل على أن المدرج من كلام غيرهم له الحكم نفسه، .... ولعل في بقية كلامه (وتخليص كلام غيره من كلامه) ما يدل على هذا، ... والأمثلة التي ساقها تؤكد هذا، فقد ذكر مثالين: الأول: ما كان مدرجا من قول الصحابي وهو حديث ابن مسعود في التشهد. والثاني: ما كان مدرجا من قول من بعد الصحابي وهو حديث قتادة في الاستسعاء. ينظر: القضاة، قوفي، المدرج، ٤ - ٥ باختصار.
(٤) الزهراني، من مقدمة تحقيقه لكتاب الخطيب البغدادي، الفصل للوصل المدرج في النقل، ١/ ٢٥.

<<  <   >  >>