للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وتتفاوت أمثلة هذه المراتب بين القلة والكثرة حيث ذكر ابن حجر أن وقوع الإدراج في آخر المتن هو الأكثر، بينما وقوعه في الوسط قليل، ويندر وقوعه في أول الحديث (١)، بل إنه ذهب إلى أنه لم يجد للتمثيل على الإدراج في أول السند غيرَ مثالين (٢)، ووافقه من


(١) ابن حجر، النكت، ٢/ ٨١٢.
(٢) قال ابن حجر في النكت: "وفتشت ما جمعه الخطيب في المدرج، ومقدار ما زدت عليه منه، فلم أجد له مثالا آخر إلا ما جاء في بعض طرق حديث بسرة الآتي من رواية محمد بن دينار، عن هشام بن حسان ... " المرجع السابق، ٢/ ٨٢٤.
ولعله يقصد ما صح إدراجه عنده، وإلا فإن أمثلة مدرج المتن في كتاب الخطيب والتي عددها ٤٧ حديثاً (كما ذكر محقق الكتاب مطر الزهراني) منها سبعة أحاديث من المدرج في أول المتن وأرقامها: (٥، ٦، ٨، ١٤، ١٥، ٣٦، ٧٤)، وثامن مختلف في موقع الإدراج منه بين أوّله وآخره، ورقمه: (١٨)، ولم يذكر سوى مثالين من المدرج في وسط المتن (٣٢، ٧٣). ينظر: الخطيب، الفصل للوصل، ط دار الهجرة.
ويُشكل قول ابن حجر بأنه فتّش ما جمعه الخطيب في المدرج، وما زاده هو عليه من الأمثلة، ولم يجد سوى مثالين. ينظر: ابن حجر، فتح الباري، ٢/ ١٩٦، ٣/ ٩٦، ٤/ ٤٣٧.
فلعل مقصود ابن حجر بأنه فتّش ولم يجد سوى مثالين، أي: مما صح عنده، ويعضد هذا قول الذهبي: في الموقظة عن كتاب الخطيب البغدادي الفصل للوصل-: "وقد صنف فيه الخطيب تصنيفا، وكثير منه غير مُسلَّمٍ له إدراجه."
وقال الباحث محمد الرعود: "وأرى أن الحق ما قاله الحافظ ابن حجر، إذ أنني بحثت في البخاري وغير البخاري فوجدت الإدراج أول المتن قليلاً جداً ووسطه أكثر ... " ثم ذكر مثالين للمدرج في أول المتن:
- الأول: حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك، أو باديتك، فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه: ((لا يسمع مدى صوت المؤذن، جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة))، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، ١/ ١٢٥ ح (٦٠٩).
- الثاني: حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((بئس ما لأحدهم أن يقول نَسِيت آية كيت وكيت، بل نُسِّي واستذكروا القرآن، فإنه أشد تفصِّيا من صدور الرجال من النَّعَمِ)) - أخرجه البخاري في صحيحه كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده، ٦/ ١٩٣ ح (٥٠٣٢) - وذكر أن الخطيب قال: "ورفع جميع هذا الحديث عن الأعمش خطأ، وإيقاف جميعه أيضا عنه خطأ ... "، وأن الحافظ ابن حجر رجّح رفعه جميعه.
وعقّب الباحث -بعد ذكره للأمثلة- بقوله: "هذا ما استطعت أن أجده من مدرج الحديث في أول النص في صحيح البخاري، ولعل هناك أمثلة في غير البخاري". المراجع: ينظر: الخطيب البغدادي، الفصل للوصل، ١/ ٢١٦ ح (١٥)، الذهبي، الموقظة، ٥٤، ابن حجر، فتح الباري، ٩/ ٨٢، محمّد عبدالرزاق الرعود، المدرج في الحديث النبوي الشريف، ١٦٢ - ١٦٦.

<<  <   >  >>