للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإدراج علة يعل بها الحديث، سواء وقعت في المتن أو الإسناد، لذا فتعمد الإدراج حرام، قال ابن الصلاح: "واعلم أنه لا يجوز تعمد شيء من الإدراج المذكور" (١)؛ لما يتضمن ذلك من عزو الشيء لغير قائله.

وأسوأ أنواع الإدراج: ما كان في المتن المرفوع مما لا دخل له في تفسير الغريب المتسامح في خلطه، أو الاستنباط. (٢) قال السيوطي: "وعندي أن ما أدرج لتفسير غريب لا يمنع، ولذلك فعله الزهري وغير واحد من الأئمة. (٣)

والخلاصة: أن من أدخل ذلك قاصدًا أن يُلبِّس على الناس دينهم؛ فهو مجروح ساقط العدالة، وأما من قصد الاستنباط، أو الاستدلال، أو التفسير، ونحو ذلك؛ فهو مأجور بقصده، وكان الأولى به أن يفصل كلامه من كلام غيره، والله أعلم. (٤)

وبهذه الخلاصة نختم فصل الحديث المدرج، لننتقل إلى تحرير نوع آخر من أنواع علوم الحديث وعلله، وتحرير مصطلح الحديث المقلوب.


(١) ابن الصلاح: علوم الحديث، ٩٨، تعقّبه الزركشي بقوله: " فيه أمران:
أحدهما: لم يبين حكم فاعل ذلك، وقد سبق في التدليس أن الماوردي والروياني وابن السمعاني في القواطع قالوا: (إن فاعله مجروح ساقط العدالة وهو ممن يحرف الكلم عن مواضعه وكان ملحقا بالكذابين).
الثاني: لم يتكلم على تفاوت هذه المراتب، وأقواها في المنع الأول لخلطه المرفوع بالموقوف، ونسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقله، وأخفها الأخير لرجوع الخلاف إلى الإسناد خاصة، لا سيما إذا كان الكل ثقات." الزركشي، النكت، ٢/ ٢٥١.
(٢) ينظر: السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٣٠٨.
(٣) السيوطي، التدريب، ١/ ٣٢٢. "والذي أراه أن لا بأس بهذا الاستثناء لا سيما إذا أتي بفصل يبين المدرج، والله أعلم." الفحل، اختلاف الأسانيد، ٤٤٦ - ٤٤٧.
(٤) ينظر: السليماني، الجواهر، ٣٤٨ بتصرّف يسير.

<<  <   >  >>