للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: ما يتعلق بالسند:

١ - إقرار واضع الحديث بوضعه. (١)

ومثاله: كحديث نوح بن أبي مريم (٢) في فضائل القرآن (٣).

وحديث أبي بن كعب في فضائل القرآن سورة سورة، فقد اعترف راويه بالوضع. (٤)


(١) تعقّب ابن دقيق العيد ما ذكره ابن الصلاح، فقال: "وقد ذكر فيه إقرار الراوي بالوضع، وهذا كافٍ في ردِّه، لكنه ليس بقاطعٍ في كونه موضوعا، لجواز أن يكذب في هذا الإقرار بعينه."، وقد استدرك الذهبي على شيخه فقال في الموقظة: "قلت: هذا فيه بعض ما فيه، ونحن لو افتتحنا باب التجويز والاحتمال البعيد، لوقعنا في الوسوسة والسفسطة! ".
وأجاب ابن حجر عن استدراك الذهبي فقال في النزهة: "وفهم منه بعضهم أنه لا يعمل بذلك الإقرار أصلا، وليس ذلك مراده، وإنما نفي القطع بذلك، ولا يلزم من نفي القطع نفي الحكم؛ لأن الحكم يقع بالظن الغالب، وهو هنا كذلك"
أما العراقي فقد عدّ ما ذكره ابن دقيق العيد بدايةً: استشكالاً، ولم يتعقبه، وكأنه يقرّه، فقال في التقييد:
"وقد استشكل الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد الحكم على الحديث بالوضع بإقرار من ادعى أنه وضعه؛ لأن فيه عملا بقوله بعد اعترافه على نفسه بالوضع".
وقال ابن حجر في النكت: "كلام ابن دقيق العيد ظاهر في أنه لا يستشكل الحكم؛ لأن الأحكام لا يشترط فيها القطعيات ولم يقل أحد أنه يقطع بكون الحديث موضوعا بمجرد الإقرار، إلا أن إقرار الواضع بأنه وضع يقتضي موجب الحكم العمل بقوله، وإنما نفى ابن دقيق العيد القطع بكون الحديث موضوعا بمجرد إقرار الراوي بأنه وضعه فقط"، ونقل البقاعي عن شيخه ابن حجر مراجعته لشيخه العراقي في ذلك، فقال في النكت: "قال شيخنا: وقد كان الشيخ عبر في النظم أولا (بالحكم)، فلما قرأنا ذلك عليه غير (الحكم) (بالقطع)، فكأنه غير النظم ولم يغير الشرح.
قلت: وكان ينبغي أيضا تغيير قوله في النظم (استشكل)، فإنه لم يستشكل بل أوضح موضع الحكم، فلو قال بدلها: (استرذلا) لزال المحذور."
وقال الأنصاري: "ففي الحقيقة ليس ذلك استشكالا، بل بيان للمراد والواقع؛ إذ لا يشترط في الحكم القطع، بل يكفي غلبة الظن، والله أعلم."
المراجع: ابن دقيق العيد، الاقتراح، ٢٥، الذهبي، الموقظة، ٣٧، العراقي، التقييد، ١٣١، ابن حجر، النزهة، ١٠٩، ابن حجر، النكت، ٢/ ٨٤٠ - ٨٤١، البقاعي، النكت، ١/ ٥٧٨ - ٥٧٩، ينظر: الزركشي، النكت، ٢/ ٢٥٦، السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٣٣٣ - ٣٣٤، الأنصاري، فتح الباقي، ١/ ٢٩٧، الأثيوبي، شرح الألفية، ١/ ٢٨٨.
(٢) نوح ابن أبي مريم، أبو عصمة المروزي، قاضي مرو، مشهور بكنيته، قال عنه الذهبي: فقيه واسع العلم، تركوه، قال ابن حجر: كذبوه في الحديث، وقال ابن المبارك: كان يضع، مات سنة: ١٧٣ هـ. ينظر: الذهبي، الكاشف، ٢/ ٣٢٧ (٥٨٩٤)، ابن حجر، التقريب، ٥٦٧ (٧٢٠٥).
(٣) "قيل لأبي عصمة نوح بن أبي مريم المروزي من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا! فقال: إني رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة." أخرجه الحاكم في المدخل إلى الإكليل، ٥٤، وابن الجوزي في الموضوعات، ١/ ٤١.
ومثال آخر ذكره السيوطي في التدريب، فقال: "وقال البخاري في (التاريخ الأوسط): حدثني يحيى الأشكري، عن علي بن جرير، قال: سمعت عمر بن صبح، يقول: أنا وضعت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -." البخاري، التاريخ الأوسط (مطبوع خطأ باسم التاريخ الصغير)، ٢/ ٢١٠، ابن الجوزي، الموضوعات، ٣/ ٢٥٤، السيوطي، التدريب، ١/ ٣٢٣.
(٤) أخرجه الخطيب في الكفاية، ٤٠١، وابن الجوزي في الموضوعات ١/ ٢٤١ - ٢٤٢.

<<  <   >  >>