للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموضوعات لابن الجوزي، فتعجبوا من كونه لا يعرف موضوع الموضوع (١)، إلا أن ما ذكره - رحمه الله- من التباس لفظ الموضوع، والمراد به في الحكم على الحديث عند بعضهم، قد يكون بعيداً ونادراً (٢).

- وذكر ابن حجر من طرق بيان المتقدمين للحديث الموضوع، الاكتفاء بإسناده دون التصريح بكونه موضوعاً، فقال: "والاكتفاء بالحوالة على النظر في الإسناد طريقة معروفة لكثير من المحدثين، وعليها يُحمل ما صدر من كثير منهم من إيراد الأحاديث الساقطة معرضين عن بيانها صريحا، وقد وقع هذا لجماعة من كبار الأئمة، وكان ذكر الإسناد عندهم من جملة البيان- والله أعلم -" (٣).

- وأشار تلميذه السخاوي- رحمه الله- إلى الفرق بين المتقدمين في روايتهم للحديث الموضوع بإسناده، ومن جاء بعدهم، فإن كان ذلك سائغاً في عصر الرواية، فهو غير سائغ لمن بعدهم، فقال: "لا يبرأ من العُهدةِ في هذه الأعصار بالاقتصار على إيراد إسناده بذلك; لعدم الأمن من المحذور به (٤)، وإن صنعه أكثر المحدثين في الأعصار الماضية في سنة مائتين، وهلم جرا، ... " (٥).


(١) ينظر: المرجع السابق، ١/ ٣١٠، الأثيوبي، شرح ألفية السيوطي، ١/ ٢٨٧.
(٢) ينظر: فلاته، الوضع في الحديث، ٣٢٦.
(٣) ابن حجر، النكت، ٢/ ٨٦٣.
(٤) مثال ذلك: تخطئة ابن الصلاح لما قام به بعض المفسرين من إخراج حديث موضوع في فضائل سور القرآن في تفاسيرهم، فقال: "وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن أبي بن كعب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل القرآن سورة فسورة. بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه، وإن أثر الوضع لبين عليه، ولقد أخطأ الواحدي المفسر، ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم، والله أعلم."
وإن اعتذر العراقي لمن أخرجه من المفسرين بإسناده إلا أنه لم ينفِ عنه خطأه في ذلك، فقال في شرح التبصرة: "وكل من أودع حديث أبي - المذكور - تفسيره، كالواحدي، والثعلبي والزمخشري مخطئ في ذلك؛ لكن من أبرز إسناده منهم، كالثعلبي، والواحدي فهو أبسط لعذره، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه من غير بيانه، كما تقدم. وأما من لم يبرز سنده، وأورده بصيغة الجزم فخطؤه أفحش، كالزمخشري". المراجع: ابن الصلاح، علوم الحديث، ١٠٠، العراقي، شرح التبصرة، ١/ ٣١٢ - ٣١٣، ينظر: السيوطي، التدريب، ١/ ٣٤١.
(٥) السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٣١٢، الأثيوبي، شرح ألفية السيوطي، ١/ ٢٨٧.

<<  <   >  >>