للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه، والله أعلم" (١).

والضبط نوعان، ذكرهما الشافعي بقوله: " حافظاً إن حدث به من حفظه، حافظاً لكتابه إن حدث من كتابه" (٢)، وشرحهما ابن حجر فقال: "والضبط: ضبط صدر: وهو أن يُثبِت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء، وضبط كتاب: وهو صيانته لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤدي منه." (٣)

وبالنظر في تعريفات الأئمة للحديث الصحيح، نجد منهم من نصّ على اشتراط الضبط وهم كل من جاء بعد ابن الصلاح.

وإن كان ابن الملقن لم يُصرّح بهذا الشرط في كتابه التذكرة (٤) لكن ذكره في المُقنع (٥)، ومنهم من ذكر صفات الضابط أو بعضها وهم بعض من جاء قبل ابن الصلاح، فقد ذكر


(١) ابن الصلاح، علوم الحديث، ١٠٦.
(٢) الشافعي، الرسالة، ٣٧١.
(٣) ابن حجر، نزهة النظر، ٦٩، ينظر: البقاعي، النكت، ١/ ١٦٨، السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٨، الدهلوي، أصول الحديث، ٦٢.
وقال ابن الأثير -في معنى الضبط، ونوعيه-: "الضبط: وهو عبارة عن احتياطٍ في باب العلم، له طرفان. طرف وقوع العلم عند السماع، وطرف الحفظ بعد العلم عند التكلم حتى إذا سمع ولم يعلم، لم يكن شيئاً معتبراً، كما لو سمع صياحاً لا معنى له، وإذا لم يفهم اللفظ بمعناه على الحقيقة، لم يكن ضبطاً، وإذا شك في حفظه بعد العلم والسماع، لم يكن ضبطاً.
ثم الضبط نوعان: ظاهر، وباطن.، فالظاهر: ضبط معناه من حيث اللغة. والباطن: ضبط معناه من حيث تعلق الحكم الشرعي به، وهو الفقه ... " ابن الأثير، جامع الأصول ١/ ٧٢، ينظر: السخاوي، فتح المغيث، ٢/ ٤.
(٤) اقتصر في تعريفه للصحيح على سلامته من الطعن في السند والمتن، وهذا التعريف مُتضمن لاشتراط الضبط على وجه العموم، أما على وجه الخصوص فيشهد لذلك تعريفه للحديث الحسن بقوله: "ما كان إسناده دون الأول في الحفظ والإتقان" فقد أشار للفرق بين الصحيح والحسن بأن راوي الحسن في درجة أدنى من الصحيح في الحفظ والإتقان، وهو ما يُطلق عليه مصطلح الضبط. ينظر: ابن الملقن، التذكرة، ١٤.
(٥) ابن الملقن، المقنع، ١/ ٤١.

<<  <   >  >>