للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتدليس في اللغة من الدّلَس، وهو الظلمة. (١)

وهو في الحديث على أنواع منها: تدليس الإسناد، ويُعدُّ من أنواع السقط الخفيّ في الإسناد، والذي عناه الشافعي بقوله: " يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه" (٢) وعرّفه ابن

الصلاح بقوله: "وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، موهما أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه، موهما أنه قد لقيه وسمعه منه. ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر." (٣)، وقد تعقّبه ابن حجر حيث قال: "وقوله: عمن عاصره ليس من التدليس في شيء، وإنما هو المرسل الخفي" (٤)، وصوّب التفريق بين المصطلحين، وأشار إلى الفرق بينهما بقوله: "والفرق بين المُدَّلس والمرسل الخفي دقيق، ... وهو أن التدليس يختص بمن روى عمن عُرِف لقاؤه إياه، فأما إن عاصره، ولم يُعرَف أنه لقيه، فهو المُرَسل الخفي.

ومن أدخل في تعريف التدليس المعاصرة ولو بغير لُقِيّ، لزمه دخول المرسل الخفي في تعريفه، والصواب التفرقة بينهما." (٥)

وعليه فالتدليس نوع من علل الإسناد التي قد تؤثر في اتصاله، وسبق معنا أن اشتراط الاتصال في السند شرط من شروط الحديث الصحيح المتفق عليه، وقد اشترطته أغلب


(١) ينظر: الجوهري، الصحاح، ٣/ ٩٣٠. الفيروزآبادي، القاموس، ٥٤٦. قال ابن حجر: "واشتقاقه من الدَّلَس بالتحريك، وهو اختلاط الظلام بالنور، سُمِّي بذلك لاشتراكهما في الخفاء". وقال في النكت: "وكأنه أظلم أمره على الناظر؛ لتغطية وجه الصواب فيه." ينظر: ابن حجر، النزهة، ١٠٣، ابن حجر، النكت، ٢/ ٦١٤.
(٢) وفي كتب مصطلح الحديث يعدّدون أنواعاً أخرى للتدليس كتدليس التسوية، وتدليس الشيوخ، وتدليس الصيغ، إلا أنني اقتصرت على ما يخص تدليس الإسناد الذي وضّح معناه الشافعي.
(٣) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٧٣.
(٤) ابن حجر، النكت، ٢/ ٦١٤.
(٥) ابن حجر، النزهة، ١٠٤. وهناك كتاب اُلّف لبيان أوجه الموافقة والمخالفة بين هذين المصطلحين، ينظر: خالد القريوتي، الإرسال والتدليس مع بيان أوجه الموافقة والمخالفة.

<<  <   >  >>