كبرت وكبر معي هذا الهم .. وبت أدرك ما لم أدركه من قبل .. وبت أتساءل عن الوحدة التي نتكلم عنها ونتطلع إليها .. أهي الوحدة الصورية التي نعيشها للحظة ونفتقدها طوال العمر أم تلك التي تضمن لبنياننا البقاء متماسكاً وصلباً أمام التحديات؟
أهي الوحدة التي تكون مبنية على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام أم تلك التي تكون على حساب كتاب الله وسنة نبيه؟!
لقد كُنتُ أستحضر أمامي دائماً علاقتنا مع أهل الكتاب الذين أنزل الله عليهم الكتب وأرسل إليهم الرسل، عندما انحرفوا عن دين أنبيائهم ووصايا ربهم، جاءهم الإسلام مصححاً لما ورثوه من الضلال، داعياً إياهم إلى تصحيح المسار وإلى الاندماج في لواء الحق فلم يرتض ما هم عليه من الضلال بحجة أنهم أتباع أنبياء بل دعاهم إلى المصارحة مع النفس وإلى عرض عقائدهم على وحي السماء.
فللوحدة مقاييس شرعية ... وإذا أراد المنتسبون إلى الإسلام من شتى الفرق الاتحاد مع بعضهم البعض فلا بد أن تكون الوحدة على عقيدة الإسلام التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا على عقائد شتى لا تمت للإسلام بصلة.
وتأمل قول الله عز وجل للمؤمنين عنهم {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(١) وتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ففيها العبرة والعظة.
ففي زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت فئة ممن تتلبس بلباس الإسلام وتنطق بالشهادتين نطقاً دون أن تعيش معنى تلك الشهادتين في حياتها ... كان لتلك الفئة