ثانيهما: الاهتمام بعدد الفرق أكثر من المبدأ، فكأنّ شارح الحديث والناظر فيه قد أخذا على نفسيهما عهداً أن يعرفا أسماء الثلاث والسبعين فرقة المذكورين في الحديث الشريف بدلاً من الاهتمام بمغزى الحديث من ذكر هذا العدد وهو (كثرة التفرق في الأمة ووجود فرقة واحدة ثابتة على إسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم النقي بخلاف غيرها ممن تنكب الطريق).
والأمر ذاته يُقال في حديث (الإثني عشر خليفة)، لقد رأينا من تعجل في تحديد الأسماء دون حاجة تدفعه لذلك وهو يقرأ قول النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم:(لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش).
وفي رواية (إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة).
فالحديث واضح في ذكر أنّ فترة خلافة الإثنى عشر ممتدة إلى قيام الساعة، والذي يحصر فترة خلافة الإثني عشر بشخصيات مضت يخالف نص الحديث من حيث لا يشعر.
تساؤلات أنتجت تنوعاً في الآراء
لم يكن حديث (الخلفاء الإثني عشر) مفصّلاً بحيث لا يقع الخلاف في فهمه أو تكثر الاحتمالات فيه، بل كانت التساؤلات التي أثارتها أذهان العلماء سبباً جوهرياً لاختلاف الآراء في الخلفاء الإثني عشر المرادين من الحديث إلا أنّ علماء أهل السنة ومعهم جميع فرق الشيعة باستثناء الإثني عشرية كلهم مجمعون على أنّ المراد بهؤلاء الإثني عشر أناس غير (الإثني عشر) الذي تذكرهم الإمامية لتوافر الأدلة على بطلان كونهم المذكورين في الحديث كما أشرت آنفاً.