الحق حكر للدليل والبرهان لا حكراً على الأشخاص، فلست إمعة إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت معهم ... طريقي ضيق بين طرفي نقيض لكني أرى فيما بعده اتساعاً وراحة للضمير.
وكعلمي بأهمية التجرد للحق ونبذ هوس التعصب أدركت كذلك أنّ الحوار نعمة رفع من شأنها الإسلام، وأنه جدير بالمرء أن يشكر نعمة الله عليه، ويكون شكره عز وجل من خلال استشعار نعمته وأهميتها، ومن لا يدرك النعمة فكيف له أن يشكر واهبها وأن يتنعم بها؟
[حوار مع زميل]
قُلتُ لصاحبي ذات مرة: (لو كتب الله عز وجل لك أن ترى رجلاً قيادياً صالحاً، عليه سيما الإيمان والتقوى وأنوارهما، قد منّ الله تعالى عليه بفراسة وذكاء بحيث يستطيع معرفة أهل النفاق من أتباعه الحقيقيين من لحن قولهم، لكنك علمت بعد ذلك أنّ هذا الرجل الصالح قد أعرض عن أهل الصلاح من قومه مختاراً أهل النفاق والضلال، فسوّدهم على الناس، معطياً إياهم أهم المناصب القيادية الدينية منها والدنيوية، بل إنه لم يكتفِ بإعطائهم تلك المناصب وبتقريبهم إليه بل صاهر بعضهم وجعلهم من خاصة أصحابه الذين يخرج معهم ويروح، ويهاجر معهم ويجاهد، مع علمه بنفاقهم وعلمه بنفاق بناتهم اللاتي صرن زوجاته!
ثم علمت أنّ ذاك الرجل الصالح قد مات وهنّ على ذمته، ينطقن باسمه ويتكلمن بالدين ويُفتين للناس من بعده، والناس لثقتهم وإجلالهم لهذا الرجل الصالح قد وثقوا بمن قربهم وسوّدهم عليهم، فالصالح لا يتعمد اختيار الخبثاء إلا لخبث طرأ عليه أو شهوة