فمن الملاحظ أنّ هذه الوصية النبوية موجهة لعلي بن أبي طالب بذاته لقول النبي (يا علي أوصيك في نفسك بخصال)، وما كانت تلك الوصايا أن توجه لمعصوم وبالذات الأولى منها.
وهو ما اعترف به المجلسي في "مرآة العقول ٢٥/ ١٨٠" فقال: (قوله صلى الله عليه وآله: (أوصيك بنفسك) أي هذه أمور تتعلق بنفسك لا بمعاشرة الناس).
[نهج البلاغة ينقض عقيدة الإمامة التي يعتقدها الشيعة الإثنا عشرية]
حتى كتاب نهج البلاغة الذي يستشهد به الشيعة الإثنا عشرية على الإمامة في بعض مقتطفاته هو نفسه أول من يقدح في عقيدة الإمامة التي يتبناها ذاك الفكر وينقضها.
لقد قالها الإمام علي بن أبي طالب بكل وضوح:(دعوني والتمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول. وإنّ الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت. واعلموا أني إن أجبتكم ركبت لكم ما أعلم، ولم أُصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم وأنا لكم وزيراً، خير لكم مني أميراً!)(١).
ولو كانت إمامة علي بن أبي طالب منصوصاً عليها من الله عز وجل لما جاز للإمام تحت أي ظرف من الظروف أن يقول للناس:(دعوني والتمسوا غيري) أو أن يقول: (أنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً)، كيف والناس تريده وجاءت لتبايعه؟!
(١) نهج البلاغة ص١٣٦ رقم (٩٢) (ومن كلام له عليه السلام لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان).