للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاول أيها القارئ أن تسترجع معي قول كاشف الغطاء: (إنّ الإمامة منصب إلهي كالنبوة) لتتخيل نبياً من أنبياء الله يقول للناس: (دعوني والتمسوا لكم نبياً غيري، أنا لكم مرشداً أو وزيراً خير لكم من أن أكون نبياً)!

أيُعقل هذا؟ أيجوز هذا؟ ألا يُعتبر هذا رداً لأمر الله – إن جاز لنا أن نقول إنّ الإمامة من الله لا بالشورى والبيعة – كما تقول الإمامية بذلك؟!

ولذلك لا تعجب أيها القارئ من ظهور فرقة متطرفة اسمها (الكاملية) كانت في البداية تتولى علياً وتحبه ثم ما لبثت أن انقلبت على عقبيها وكفّرته مدّعية أنه بدّل وأحدث في الدين!

يقول المؤرخ الشيعي (النوبختي) (١) في كتابه "فرق الشيعة": (وشذّت فرقة من بينهم يُقال لها الكاملية، فأكفرت علياً عليه السلام، وجميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أكفروا علياً بتركه الوصية، وتخليته الولاية، وتركه القتال على ما عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله!) (٢)

فالكاملية رغم أنها أكثر تطرفاً وضلالاً من الفرق الشيعية التي كفّرت الصحابة على العموم واستثنت علياً ونفراً يسيراً لا يتجاوزون السبعة إلا أنها أكثر واقعية، لأنها طبقت المذهب بحذافيره، فالمذهب يرفع من شأن الإمامة إلى حد الإيمان والكفر، ومقولة الإمام علي في نهج البلاغة فيها تساهل كبير في قضية الخلافة بل وتخلٍ عنها، والمنصف سيجد نفسه أمام


(١) الحسن بن موسى النوبختي، ترجم له النجاشي في "رجاله ص٦٣" فقال: (شيخنا المتكلم المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها)، وقال عنه التفريشي في "نقد الرجال ٢/ ٦٧": (كان إمامياً، حسن الاعتقاد نسخ بخطه شيئاً كثيراً، وله مصنفات كثيرة في الكلام والفلسفة وغيرهما).
(٢) فرق الشيعة ص٢٨

<<  <   >  >>