الخيال وذاك الوهم، جاعلاً آماله وظنونه جزءاً لا يتجزأ من الدين يوالي ويعادي الناس عليه فهذا ما يحتاج منا إلى وقفة تأمل.
تُرى لو جاز للأئمة الإثني عشر أن يتولوا الخلافة، أترى هؤلاء الناس الذين يعتقدون فيهم العصمة ولا يجوّزون عليهم الخطأ ويدندنون حول هذا الكلام ليل نهار، أتراهم سيصمدون على رأيهم هذا إذا ما رأوا من هؤلاء الأئمة ما لا ينبغي أن يحصل أم أنه سرعان ما تنشئ المعارضة لبعض القرارات والأحكام؟
هذا الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب –وهو إمام معصوم عند الإمامية- لما تولى الخلافة زمناً يسيراً، وصالح معاوية بن أبي سفيان على الخلافة ماذا فعل فيه شيعته الذين يزعمون عصمته؟ نادوه بـ (يا مذل المؤمنين)(١)، ومنهم من طعنه في فخذه، ومنهم من اكتفى بالاعتراض بالقول دون الفعل، ومنهم بلا شك من سخط عليه لكنه لم يملك التصريح بالمعارضة والعصيان.
هذا هو الواقع الذي يرفضه أرباب النظرية الإمامية، مع أنه واقع ملموس، سطرته كتب الفريقين السنة والشيعة.
ولله در الإمام الشيعي الزيدي"المنصور بالله"(المتوفى ٦١٤هـ) إذ يقول مبيّناً تهافت نظرية الإمامة عند الإثني عشرية: (وأما قولهم: إنّ المكلفين يكونون مع وجود الإمام أقرب إلى
(١) صرّح بهذه الحقيقة أحد كبار علماء الشيعة الإثنى عشرية وهو ابن شعبة الحراني في "تحف العقول عن آل الرسول عليهم السلام ص٣٠٨" فقال: (اعلم أنّ الحسن بن علي عليهما السلام لما طعن واختلف الناس عليه، سلّم الأمر لمعاوية فسلّمت عليه الشيعة: عليك السلام يا مذل المؤمنين. فقال عليه السلام: "ما أنا بمذل المؤمنين ولكني معز المؤمنين).