للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحر، وإذا معه أبو بكر بن أبي قحافة وبلال مولى أبي بكر) (١).

فلم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن عبسة وهو يعرض عليه الإسلام بأنه يتقوّى بطفل في دعوته لهذا الدين، لأنّ الطفل ضعيف لا يُتقوّى به ولا يُنتصر به عند عامة العقلاء، اللهم إلا عند أهل العناد والمكابرة والتعصب المقيت، فهؤلاء لهم مقاييس أخرى لا تخضع لدين ولا لعقل ولا لمنطق!

ولهذا لم يذكر التاريخ للإمام علي في بداية البعثة النبوية أمراً تنتصر به الدعوة الإسلامية في بداية ظهورها سوى مساندته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في تكسير بعض الأصنام سراً (٢) وهي مسألة لا يمكن أن تقارن بمجابهة أبي بكر الصدّيق للكفار وجهاً لوجه في أكثر من موطن، حين يدافع عن نبي الله (٣) أو ينفق أمواله في سبيل الله لعتق رقاب المعذبين في الله


(١) مسند أحمد – حديث رقم (١٧٠٦٠)، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) فقد روى أحمد في مسنده (حديث رقم ٦٤٤) عن أبي مريم عن علي رضي الله عنه أنه قال: (انطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أتينا الكعبة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجلس وصعد على منكبي، فذهبت لأنهض به، فرأى مني ضعفاً، فنزل، وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: اصعد على منكبي، قال: فصعدت على منكبيه، قال: فنهض بي، قال: فإنه يُخيل إليّ أني لو شئت لنلت أفق السماء، حتى صعدت على البيت، وعليه تمثال صُفر أو نحاس، فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه، حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله: اقذف به، فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير، ثم نزلت، فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس)، والرواية إسنادها ضعيف كما بين ذلك الشيخ شعيب الأرنؤوط، ففيها (أبو مريم الثقفي) وهو مجهول، و (نعيم بن حكيم) قال عنه النسائي: ليس بالقوي وقال ابن سعد: لم يكن بذاك.
(٣) ففي حديث البخاري (بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة ابن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقاُ شديداً، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبيه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّه} وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟).

<<  <   >  >>