للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالانجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (١) وأوله الإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ومتابعته.

إنّ الألقاب والانتساب لا ينفع صاحبه دون عمل ومتابعة لمن انتسب إليه كما قال الرب جل وعلا {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} (٢) وليس الذين أحبوه، أو انتسبوا إليه.

فحب اليهود ليعقوب وانتسابهم إليه، وحبهم لداود وموسى وسليمان وغيرهم. وحب النصارى للمسيح وانتسابهم إليه ليس بنافعهم لانقطاعهم عن المنهج والتعاليم التي جاء بها هؤلاء الأنبياء الكرام عليهم السلام: قال تعالى {وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا}.

هذا هو الانتساب الأجوف الذي لا قيمة له. لذلك عقب الله عليه بقوله {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ} (٣).

إنّ الله يريد الملة والدين الصحيح. أما الاسم والنسب فلا قيمة له عنده.

ومع هذا كله انتقل إلينا هذا المرض الخطير فصار فينا من يتعصب للأسماء والطوائف، ويفخر بالانتساب إلى مشاهير الملة دون العمل بما دعوا إليه، وجاهدوا من أجله. وهذا ليس بنافعهم بل هو ضار بهم: في الدنيا تفرقة وتمزقاً وفتناً. وفي الآخرة خسراناً مبيناً.

إنّ الانتساب إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم نفسه لن ينفع صاحبه من دون عمل واتباع كما قال سبحانه {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} (٤).


(١) سورة المائدة آية ٦٨
(٢) سورة آل عمران آية ٦٨
(٣) سورة البقرة آية ١٣٥
(٤) سورة آل عمران آية ٣١

<<  <   >  >>