ولما تحاورت مع بعض المتصوفة حول غلوهم في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستدلاً بأحاديث صحيحة ثابتة في بيان حقه صلوات الله وسلامه عليه تدعو إلى محبته وحفظ حقه بأبي هو وأمي، من غير غلو ولا جفاء، قيل عني: مبغض لرسول الله!
وهكذا صرت بين المتعصبة جامعاً لكل النقائض.
رافضي مبغض لصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومغالٍ في أهل البيت ... وناصبي مبغض لأهل البيت ومغالٍ في الصحابة .. ومبغض لرسول الله ومن باب أولى مبغض لأهل بيته ولأصحابه.
وما حصل لي حصل للإمام المُقبلي رحمه الله أكثر منه بكثير، ومثلي لا يُقارن بمثله فضلاً وعلماً وتضحية، فأين جهد ذاك الإمام الجهبذ من جهد المقل؟
فقد تجرع رحمه الله مرارة التعصب المذهبي وناله الأذى فصبر ومضى في طريقه غير آبه للتخذيل ولا للتحذير.
حرص على إعلان تنصُّله من الإنتماء إلى أي من المذاهب الإسلامية والتأكيد على براءته من التعصُّب لها في معظم مؤلفاته شعراً ونثراً، ومن ذلك قوله:
برئت من التمذهب طول عمري ... وآثرت الكتاب على الصحاب
ومالي والتمذهب وهو شيء ... يروح لدى المماري والمحابي
كرَّس جهده ووقته لمحاربة الجمود والتعصُّب الفكري، فلقي من مقلِّدي ومتعصِّبي عصره أذى شديداً، وناصبوه العداء، واتَّهموه بأنه ناصبي، معادٍ لمذهب أهل البيت (المذهب الزيدي)، مما اضطره إلى بيع ممتلكاته والرحيل بأهله إلى مكة (١٠٨٠هـ) فجاور بها وانقطع فيها للعلم والتأليف والدعوة إلى التجديد وإشاعة روح التسامح ونبذ الفرقة والتقليد