للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويأتي المتعصب الشيعي فيقول: (هؤلاء نواصب (١) لا ينبغي الحوار معهم!).

وقد عايشت الفئتين، وأوذيت منهما أيما إيذاء.


(١) هذه تهمة ليس لها من الواقع نصيب، فالثابت من تقريرات علماء الشيعة في أشرطتهم وكتبهم وكذا روايات المذهب بغض الصحابة والتفنن في لعنهم والطعن في أنساب بعضهم وستأتي الإشارة إلى هذه الفكرة في موضعها في هذا الكتاب بإذن الله، أما أهل السنة علماء وعامة، فلا يبغضون أهل البيت بل يحبونهم ويقدّرونهم، ويشهد لذلك أيضاً تقريرات علمائهم جيلاً بعد جيل، غاية ما في الأمر أنهم يفضلون أبا بكر وعمر على علي لأدلة شرعية عندهم، والمفاضلة بين الخلفاء الأربعة لا تعني بحال من الأحوال بغض أحد منهم.
ويحضرني في هذا كلام جيد قرأته للشيخ جعفر الشاخوري- وهو من شيوخ الشيعة الإثنى عشرية المعاصرين- يقول فيه: (وإنني أذكر للقارئ حادثة لا زلت أتذكرها، فقد حدث بين شخصين تلاسن بعد أن اختلفا أيهما أفضل العباس بن علي (ع) أو علي الأكبر (ع) – ولا أكتم القارئ أنني كنت من أنصار العباس في ذلك الصراع- حيث استدل الأول على أفضلية العباس بأنه آخر من استبقاه الحسين (ع) في المعركة إذ لم يعطه الرخصة في القتال، وعندما استشهد قال الحسين: الآن انكسر ظهري، مما يدل على أنه العمود الفقري، كما أنّ العباس رفض أن يشرب من الماء عندما تذكر عطش الحسين فلا بد أن يكون هو الأفضل. والشخص الثاني استدل على أفضلية (الأكبر) بأنه أشبه الناس خَلْقاً وخُلقاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه أول من قدّمه الحسين في المعركة من بني هاشم، وثالثاً: لأنه أكثر من أصيب بالجراحات في كربلاء فلا بد أن يكون هو الأفضل. وسرعان ما تحول هذا الصراع إلى تلاسن وتراشق بالكلمات حتى ظننت في ذلك الوقت أنّ هناك عداءً مستحكماً بين العباس وعلي الأكبر، وكنت أتساءل لماذا تعاونا في المعركة في ذلك الوقت؟). (مرجعية المرحلة وغبار التغيير ص٦٧)
أقول: والأمر ذاته يُقال في المفاضلة بين أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب، فإنّ المتعصب المعاند هو وحده الذي يستطيع بكل سهولة إقناع نفسه بأنه هو وكيل أهل البيت في الأرض، وأنّ من سواه لا يحبهم ولا يعرف حقهم.
وكلامنا هنا مع العقلاء أما ضيّقو العقول الذين يرشقون الناس بالتهم لمجرد الاختلاف معهم فإنه لا يأبه بهم إلا من كان على شاكلتهم.

<<  <   >  >>