للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثامناً: إرادة التطهير لا تعني بالضرورة وقوع التطهير

ما ذكرته آنفاً يستند إلى أنّ المعنى من إرادة الله للتطهير وقوع التطهير، وقد يكون المراد من الآية الأمر بلزوم طاعة الله حتى يقع التطهير.

وسياق الكلام الموجه لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتضمن توجيهاً إلهياً لهن بفعل أمور واجتناب أخرى (١)، وبيّن الله عز وجل أنه يريد منهن التزام هذه التوجيهات ليذهب عنهم الرجس بمقتضى أمره لهم، وبامتثالهم لأمر الله وحفظهم لوصاياه يحصل التطهير، وهذا النمط من الخطاب استخدمه الله عز وجل في آخرين كما في قوله تعالى للمؤمنين {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ} (٢) وقوله تعالى {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} (٣) وقوله تعالى {يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ} (٤) فالإرادة هنا متضمنة للأمر والمحبة والرضا لا أنها حصلت فعلاً، ولو كان الأمر كذلك لتطهر كل من أراد الله طهارته وأبسط مثال يوضح ذلك هو أنّ الله عز وجل يريد على سبيل المثال للبشر كلهم أن يدخلوا الجنة وهذه الإرادة هي إرادة محبة، وهناك إرادة له سبحانه كونية قدرية في هذا الشأن وهي أنه


(١) ومما يؤكد أنّ الآية لا تنص على وقوع التطهير بل على إرادة التطهير أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرص على أن يلحق أصحاب الكساء ما لحق زوجاته أمهات المؤمنين اللاتي نزلت فيهن الآية وفي إرادة تطهيرهن ما رواه الترمذي بسند فيه ضعف من أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يَمُرُّ بباب فاطمة سِتةَ أشهر إذا خرج لصلاة الفجر يقول: (الصلاة يا أهل البيت، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}) إذ بالمحافظة على الفرائض وبطاعة الله يحصل التطهير، والحديث وإن كان ضعيفاً ولا يُحتج فيه إلا أنه قد يصلح كشاهد على الأقل على ما ذكرناه.
(٢) سورة المائدة آية ٦
(٣) سورة النساء آية ٢٦
(٤) سورة النساء آية ٢٨

<<  <   >  >>