ثانياً: غدير خم يبعد عن مكة ما يقارب المائتين وعشرين كيلو متراً أو أكثر أو أقل بقليل فإن كان مراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنصيب علي بن أبي طالب إماماً من بعده فلِمَ لم يعلن ذلك في حجة الوداع أو يوم عرفة إذ فيهما من اجتماع المسلمين والفضيلة ما لا يتأتى في غيرهما؟
والقول بأنّ الجحفة أو غدير خم مفترق طرق الحجيج جهل أو بالأحرى محض كذب على الشرع، لأنّ مجتمع الحجيج هو مكة ومفترقهم هو مكة أيضاً، وكيف يجوز لعاقل أن يتصور أن يكون مفترق الحجيج بعيداً عن مكة أكثر من مائتين وعشرين كيلو متراً؟
ولذلك لم يكن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طريق عودته إلى المدينة إلا أهل المدينة ومن كان على طريق المدينة فقط، ولو أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يوصي بالإمامة من بعده فإنه لا يعقل أن ينتظر تفرق الناس من بعد الحج بين ماكث في مكة وعائد إلى اليمن أو الطائف، ثم يعلن بعد ذلك عن هذه القضية الهامة في منطقة تبعد عن مكة المكرمة كل هذا البعد، فلا ينصت إلى خطبته إلا أهل المدينة ومن كان على دربهم فقط؟!!
ثالثاً: حديث الغدير لم يأت من فراغ بل لسبب وعلة لا ينبغي إغفالها.
فقد أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه خلف خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى اليمن ليخمّس الغنائم ويقبض الخُمس.
لكن قسمة الخمس كانت سبباً في إثارة الجيش على الإمام علي بن أبي طالب.
روى الإمام أحمد في مسنده عن بريدة بن الحصيب قال: أبغضت علياً بغضاً لم يبغضه أحد قط، قال: وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه إلا على بغضه علياً، قال: فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه علياً، قال: فأصبنا سبياً، قال: فكتب إلى رسول الله