للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على بعض وكان ظاهره يقتضي ذلك لدليل صرفه عما يقتضيه وهو أنّ الأمة مجمعة على أنّ النبي صلوات الله وسلامه عليه أوجب ما أوجبه بقوله (ما كنت مولاه فعليّ مولاه) في وقت وقوع هذا القول في طول أيام حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلو كان إنما أثبت له الولاية عليهم وجعله أولى بهم وألزمهم طاعته والانقياد لأوامره لوجب أن يكون قد أثبته إماماً وأوجب الطاعة له آمراً وناهياً فيهم مع وجوده سائر مدته صلى الله عليه وآله وسلم فلما أجمعت الأمة على فساد ذلك وإخراج قائله من الدين، ثبت أنه لم يرد به (فمن كنت مولاه): من كنت أولى به، ولم يرد بقوله (فعلي مولاه) أنه أولى به.

ويدل على ذلك أيضاً ويؤكده ما يروونه من قول عمر: (أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن) (١) فأخبر أنه قد ثبت كونه مولى له ولكل مؤمن فلم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدلّ على أنه قد أثبت له في ذلك الوقت ما أثبته لنفسه وليس هو الولاية عليهم ولزوم طاعتهم له فهذه دلالة تصرف الكلام عن مقتضاه لو كان معنى (مولى) معنى (أولى) وكان نسق الكلام يقتضي ذلك، فسقط ما تعلقوا به (٢).


(١) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٨/ ٢٨٤ وهو ضعيف، ففي سنده (شهر بن حوشب) وقد تقدّم الحديث عنه في بداية مناقشة الاستدلال بحديث الكساء، وفيه أيضاً: (علي بن سعيد الرملي) قال عنه ابن حجر في (لسان الميزان): يُتثبت في أمره كأنه صدوق!، وفيه أيضاً: (مطر طهمان الوراق) قال عنه ابن سعد: كان فيه ضعف بالحديث، وقال أبو داود: ليس هو عندي بحجة ولا يُقطع به في حديث إذا اختلف.
(٢) يقول الشيخ أحمد القبانجي في كتابه "خلافة علي (ع) بالنص أم بالنصب؟ ص٥٦" ما نصه: (ومما يؤيد أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الغدير لم يقصد بالخلافة من كلمة (المولى) هو أنّ الأخبار على كثرتها لم تذكر أمر البيعة للإمام علي عليه السلام، وغاية ما ورد هو تهنئة بعض الصحابة للإمام علي بهذا المقام بقولهم (بخ بخ لك يا علي)، ومعلوم أنّ مثل هذه العبارات لا تعد بيعة، ولو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقصد تنصيبه لمقام الخلافة من بعده، فلماذا لم يأخذ من المسلمين البيعة للإمام واكتفى = ... = بالإعلان المذكور؟ ألم يكن الأولى أخذ البيعة منهم لإحكام الأمر وتقوية الحجة ولكيلا يختلف المسلمون بعده في مراده من كلمة (المولى)؟).

<<  <   >  >>