للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواحد منهم ليشرب مثله فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يكلّمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لَهَدّ ما (١) سحركم صاحبكم! فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول الله، فقال: الغد يا علي، إنّ هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول فتفرّق القوم قبل أن أكلّمهم فعِد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم إليّ.

قال: ففعلت، ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقرّبته لهم ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة، ثم قال: اسقهم فجئتهم بذلك العُسّ فشربوا حتى رووا منه جميعاً، ثم تكلّم رسول الله فقال: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم.

قال: فأحجم القوم عنها جميعاً وقلت: وإني لأحدثهم سناً وأرمصهم (٢) عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً (٣) أنا يا رسول الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، ثم قال: إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع) (٤).

وفي سياق آخر (... وبدرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام فقال: أيكم يقضي عني ديني ويكون خليفتي في أهلي؟ قال: فسكتوا وسكت العباس خشية أن يحيط ذلك


(١) لَهَدّ: كلمة يُتعجب بها.
(٢) الرمص في العين كالغمص، وهو كناية عن صغر سنه.
(٣) حمش الساقين: دقيقها
(٤) تاريخ الرسل والملوك للطبري ٢/ ٣١٩ - ٣٢١

<<  <   >  >>