للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال عز من قائل {فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْت} (١).

ولك أن تتساءل أيها القارئ ... إن كان أهل النفاق بهذه الكثرة وهذه العدّة، وكانت السطوة والكلمة لهم، فكيف انتشر الاسلام وكيف سقطت فارس والروم وفُتح بيت المقدس؟

ثم ما دام هؤلاء هم المنافقون فمالهم لم يتفقوا مع الكفار على القضاء على البقية الباقية التي لا يتجاوز عدد أفرادها عدد أصابع اليد الواحدة أو اليدين.

إنّ فئة المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن مجهولة في مجتمع المدينة بل كانت فئة مفضوحة مخزية عُلم بعضها بعينه وعُرف البعض الآخر منها بالأوصاف المذكورة في القرآن.

فضحهم الله عز وجل في سورتي (المنافقين، والتوبة) مبيناً حالهم ودسائسهم وما تكنه صدورهم تجاه رسول الله والمؤمنين، وقد سُميت سورة التوبة بالفاضحة والمدمدمة لما أظهرته من صفاتهم ونواياهم وبما أظهرته من حال من قابلهم من المؤمنين.

ومن يقرأ الآيات من قوله تعالى {لاَ يَسْتَاذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِر} (٢) إلى قوله تعالى {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِين} فسيقف على صورة متكاملة لأهل النفاق يستطيع من خلالها أن يميز الخبيث من الطيب.

ويكفينا بياناً لهذا الفرق، كيف فضح الله عز وجل المنافقين أمام الخلائق وبين حقيقتهم للناس بعد ما كان مكرهم سراً وفي الخفاء وذلك في قوله تعالى {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم


(١) سورة النساء آية ٤٧
(٢) سورة التوبة آية ٤٤

<<  <   >  >>