للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه، ثم قال: نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها، ثم بلّغها إلى من لم يسمعها فرُبّ حامل فقه غير فقيه وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغلّ عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله والنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم. المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم (١).

فإن لم يكن الصحابة عدولاً، فكيف يأتمنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على تبليغ كلامه إلى من لم يسمعه؟!

إنّ الشهادة لا يصلح لها إلا العدل، وإنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد شهد لصحابته بهذا النص بأنهم أهل للنقل عنه دون قيد أو شرط.

هذا ما يخص (عدالة الرواية)، وبقي الحديث عن النوع الثاني من العدالة وهو (عدالة السيرة) (٢) فإنه يتطلب منا بعض الوقفات الهامة التي من شأنها أن توصل القارئ الكريم إلى حقيقة الأمر.


(١) الخصال ص١٤٩ - ١٥٠ (ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم) حديث رقم (١٨٢).
(٢) إنّ أعدل الأقوال في تعريف العدالة وأنسبها هو القول بأنها (عدم الفسق) وقد سألت العلامة محمد الحسن ولد ددو الشنقيطي عن أصح تعاريف العدالة فأكد لي أنّ أصحها هو ما ذكرته آنفاً.
وإليه ذهب الإمام الشافعى حيث يقول: (لو كان العدل من لا ذنب له لم نجد عدلاً، ولو كان كل مذنب عدلاً لم نجد مجروحاً، ولكن العدل من اجتنب الكبائر؛ وكانت محاسنه أكثر من مساويه) "الروض الباسم فى الذب عن سنة أبى القاسم" لابن الوزير اليمانى ١/ ٢٨
وقريب منه تعريف الشيخ المفيد للعدالة الذي يقول في "المقنعة ص٧٢٥": (العدل من كان معروفاً بالدين والورع عن محارم الله تعالى).

<<  <   >  >>