فمجتمع المسلمين في حياة نبي الله وبعد مماته هو نفسه الذي أعزّ بلالاً الحبشي وصهيباً الرومي وسلمان الفارسي ولم يعرف لقبائل العرب المرتدة نسبها ومكانتها الاجتماعية بل سدد السهام نحوها وأقام عليها حد الردة لما ارتدت وجهرت بالكفر.
ثم هذه قريش بعزتها وجبروتها وبعروضها المغرية على من أراد الدخول في دين الله، لم تستطع زحزحة صحابة رسول الله عن مواقفهم بل زادت في ثباتهم وإيمانهم، فما الذي تغير اليوم حتى تستطيع سقيفة بني ساعدة الصغيرة أن تغير كل هؤلاء الأشداء الصامدين؟!
لا توجد إجابة مقنعة تركن إليها النفس وتطمئن إليها القلوب تقنع المرء بهذا الطرح العجيب الذي لا يقبله عقل ولا منطق ..
يذكر علماء الشيعة الإثني عشرية كثيراً حب الأنصار لعلي بن أبي طالب وأنهم كانوا كثرة في جنده في موقعة صفين ... فلماذا لم يسلّموا الخلافة إليه وسلّموها لأبي بكر؟! لن تجد إجابة مقنعة تسلّي بها نفسك.
إنّ نظرة الأنصار ومن قبلهم المهاجرين أبعد وأصوب منا جميعاً ... لقد كانت هذه الفئة المؤمنة تُفرّق بين الخلافة وبين الارتباط العاطفي مع قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولذا رأينا الكتب الشيعية التي تمتدح هؤلاء الأنصار ووقوفهم جنباً إلى جنب مع الإمام علي في موقعة صفين هي الكتب نفسها التي تنعتهم بالردة والانقلاب على الأعقاب في حادثة السقيفة!
ميزان عجيب يُكال به أصحاب رسول الله ... إن كانوا مع الإمام علي في أمر من الأمور صاروا خير الناس، وإن كان موقفهم مع من خالف علياً أو قُل في غير الاتجاه الذي أراده الإمام علي صاروا أهل ردة ومصلحة ونفاق!