للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير أنّ الأمانة العلمية تدعوني إلى عدم إغفال رواية القاسم بن عبد الرحمن بن رافع وفيها: انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله (١) في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا ما بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: قُتل محمد رسول الله (٢) قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا كراماً على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..) (٣) لكن توقف هؤلاء الصحب هذه اللحظات لا يعني أنهم لم يوفقوا إلى مواقف مشرفة في هذه الغزوة، ينصرون بها دين الله عز وجل.

فيظهر من هذه الرواية أنّ قسماً من الصحابة فاجأته الصدمة فلم يعد يعرف ماذا يفعل فاكتأب وتوقف عن القتال مع إيمانه برسول الله وحسرته على موته المفاجئ، فتوقف عن القتال


(١) والحديث ضعيف لأمور متعلقة بالسند وبالمتن كذلك:
فأما التي في السند فإنّ ابن حميد: هو يعقوب بن حميد بن كاسب؛ ضعفه أبو حاتم وغيره، ووثقه بعضهم وأمره لا يخلو من الضعف.
وسلمة: هو ابن رجاء التميمي، وفيه ضعف أيضاً مقارب لسابقه.
والقاسم بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج لا يعرف وروايته هذه منقطعة.
وأما المتن فلأنّ من الثابت بأسانيد صحيحة عند السنة والشيعة أنّ طلحة بن عبيد الله كان ممن يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين انهزم المسلمون وأنّ يده شُلت بسبب ذلك بينما تذكر هذه الرواية الضعيفة أنه ممن ألقى السلاح، فلو أنّ هذه الرواية صحت وخالفت غيرها من الروايات الصحيحة الثابتة لكفانا ذلك تضعيفاً لها، فكيف وإسنادها ضعيف؟
(٢) في هذا رد على من يريد الطعن في هؤلاء الصحابة ويدّعي ردتهم، فإنهم بقوا على الإيمان وعلى شهادة أنّ محمداً رسول الله لكن صدمة الإشاعة جعلتهم يحتارون ماذا يفعلون، ولو كانوا مرتدين لما قالوا (قُتل محمد رسول الله!) وإنما (قُتل محمد) ولقالوا مثل ما قاله المنافقون (لنلحق بعبد الله بن أُبي سلول) أو غيره.
(٣) تاريخ الطبري ٢/ ٦٦

<<  <   >  >>