الثاني: إن الشبهة ـ كما يفهم من السؤال الاستنكاري ـ بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يفصل لأجلاف العرب نوعي التوحيد؛ لا تخلو من أحد احتمالين:
الاحتمال الأول: إما أن يريد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبين لهم معنى التوحيد فهذا باطل ـ يعلم بطلانه بالضرورة من دين الإسلام، ويمكن أن يعلم بيان الرسول صلى الله عليه وسلم للتوحيد بنهيه عن الشرك وتحذيره منه، وبيان خطره وقبحه ـ كما سيأتي بيانه في مبحث آخر ـ وبإقامة البراهين والحجج على وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة بأنواع من الأدلة كبيان ربوبية الله وإنعامة وتقرير المشركين بذلك، وبيان ضعف وعجز من يعبد من دون الله، وبيان وسائل الشرك وذرائعه ونهيه وتحذيره منها، فكيف يقال بعد هذا كله: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبين نوعي التوحيد معنى؟ !
الاحتمال الثاني: أو يريد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينص لفظًا على أن التوحيد ينقسم إلى الربوبية والألوهية، فهذا حق، ولكن لا يلزم منه ألا يكون قد بين معنى التوحيد، فهذه أمور لو كانت أمورًا اصطلاحية فقط كما اصطلح الأشاعرة على تقسيمهم القاصر للتوحيد لما كان هناك أي حجة لهم في إنكارها، فضلاً عن كون هذه الأمور (التقسيم) من الحقائق الشرعية المستمدة من كتاب الله تعالى، وليس أمرًا اصطلاحيًا أنشأه بعض العلماء، والأدلة دالة على شمول تقسيم أهل السنة للتوحيد.
الشبهة الرابعة: أن القول بتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات شر بدعة أحدثها السلفية، بل أي دين سوى دين النصرانية ذلك الدين الذي يثبت لله تعالى أقانيم ثلاثة، فتثليثهم أشبه بتثليث