الكلام المنقول عن هذا الرجل ما يدل دلالة واضحة على أنه يعتقد الإلهية في النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو إلى الفناء فيه كما يدعو غيره من الغلاة إلى الفناء في الله.
يقول ـ وهو يذكر كيفية التعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم ـ:(وهي أن تلاحظ أنه صلى الله عليه وسلم ملء الكون بل عينه، وأنه نور محض، وأنك منغمس في ذلك النور مع تغميض عين البصر لا البصيرة، فإذا حصل لك الاستغراق في هذا النور والتلاشي والعينية فتتصف حينئذ بمقام الفناء فيه، ومن حصل له مقام الفناء فيه ذاق محبته صلى الله عليه وسلم ... ـ إلى أن قال ـ: فإن لم تجد في جميع وجودك هذه المحبة التي وصفتها فاعلم أنك ناقص الإيمان).
والسؤال هنا: هل كان أحد من الخلفاء الراشدين أو من العشرة المبشرين بالجنة أو من أهل بدر أو من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وغيرهم من السلف الصالح يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم ملء الكون؟ وأنه نور محض؟ أو ادعى الفناء فيه؟ أو عرف ما هو بمعنى ذلك؟ ومتى كان هذا شعبة من شعب الإيمان حتى يوصف من لم يعتقده بنقص الإيمان؟ على رسلك يا صوفي إن إمامنا كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة الجيل الأول من السلف الصالح وتفاصيل فهمهم للنصوص، وما لم يكن يومئذ دينًا فلن يكون اليوم دينًا، ومن اتخذه دينًا فهو ضال، وإذا دعا إليه فهو مضل، وإن وصف بأفخم أوصاف الصوفية كالقطب والغوث ونحوهما.
بل محبة الرسول صلى الله عليه وسلم إنما تعرف بطاعته صلى الله عليه وسلم وتقديمها على طاعة كل أحد وإن كان أحد الوالدين أو أكثر المشايخ مهابة وجلالة في العيون، وإن كان النفس أو الهوى، قال تعالى:(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ). فهذه الآية هي الميزان التي يعرف بها من أحب الله حقيقة ومن