بكتب السلف الصالح؛ إذ هي مليئة بالتصريح تارة وبالإشارة تارة إلى هذه الأقسام، ولو ذهبت أنقل كل ما في ذلك لطال المقام، ولكن حسبي ما أوردت بعض النقول من النصوص المشتملة على ذكر أقسام التوحيد الثلاثة لبعض الأئمة الذين كانوا قبل شيخ الإسلام ابن تيمية ليظهر كذب من يتهم شيخ الإسلام بهذه التهمة حيث أوردت قول كل من الإمام ابن بطة، وابن منده، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، وابن جرير الطبري وغيرهم، رحمهم الله.
إشكال:
فإن قيل: إن كثيرًا من العلماء ـ الذين صنفوا في علم الكلام (من المتكلمين) قد أعرضوا عن بيان هذه الأقسام للتوحيد، بل أغلبهم بذلوا جهودهم في إثبات الجزء الأول من التوحيد، ولم يتعرضوا للأجزاء الأخرى، فهل هناك سبب معين في إعراضهم عن ذكر توحيد الألوهية؟ وهل هذا ناتج عن عدم فهمهم للآيات القرآنية والسنة الصحيحة، وهل كان الجميع ـ متقدموهم ومتأخروهم ـ بمعزل تام عن معرفة هذا الجزء من التوحيد؟
دفع الإشكال: لا، بالتأكيد، بل لعل المتقدمين كانوا يعرفون هذا الجزء ـ وإنما لم يصنفوا تصانيف مستقلة بالبحث عن حقيقة توحيد الألوهية وما يضاده من الشرك ومظاهره وذرائعه ووسائله؛ لأنه لم يظهر ما ظهر عن المتأخرين من جماهير الطوائف.
والذي يؤكد هذه الحقيقة ـ أن علماء أهل السنة والجماعة الذين تصدوا للرد على الأشعرية وغيرهم لم يذكروا ـ فيما أعلم ـ مسائل توحيد الألوهية فيما خالف فيه أولئك، فلو كان عندهم شيء مخالف لذكروه ولردوا عليه.