صار بيني وبينه نحو خمسة أذرع، فقال: عليك بالصبر، ثم اختفى ... ).
ومن العجيب أيضًا دعوى الشعراني أنه من الذين يقضون الحاجات بالقلب، حيث يقول:(سألت شيخنا: هل أقضي حوائج الناس بقلبي وأرسلهم في الظاهر إلى بعض الإخوان ليسألوهم في قضائها سترة أو تكبيرًا له وربنا سبحانه يميز كل عمل لصاحبه؟ فقال: لا تفعل، لأنك تؤذيه من حيث لا يشعر فيظن أنه الذي قضى الحاجة فندخله في القوم الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا).
ومن الأباطيل المضحة في هذا الباب ما قرره الدباغ بقوله:
(فقد يكون الرجل مشهوراً بالولاية عند الناس وتقضي للمتوسل به إلى الله الحوائج، ولا نصيب له في الولاية، وإنما قضيت حاجة المتوسل به على يد أهل التصرف (يقصد أهل الديوان الصوفي)، وهم ... الذين أقاموا ذلك الرجل في صورة الولي ليجتمع عليه أهل الظلام مثله).
أقول: ما فائدة هذه التمثيلية التي يقوم بها أهل التصرف؟
ألأجل أن يضل الناس ويزداد أهل الظلام ظلاماً؟ ونحن نعلم يقينًا أن أولياء الله لا هم لهم سوى إرشاد الناس إلى الحق وإلى سواء السبيل. ألا ما أكثر الفواقر والمخازي التي تصدر عن أعضاء هذه الحكومة الخفية في أذهان الصوفية.
بهذه الجهالات وتلك الضلالات زرع كبار المتصوفة في قلوب أتباعهم الرهبة منهم والرغبة إليهم وإفرادهم بذلك، فتم لهم ما أرادوا من رفعهم فوق كل مقام وتقديسهم تقديسًا لا يليق بمخلوق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.