كان الأنبياء يؤجرون أنفسهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤجر نفسه وأبو بكر وعمر، ولم يقولوا: نقعد حتى يرزقنا الله، وقال الله تعالى:(فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ).
وخرّج الترمذي من حديث أنس قال: قال رجل: يا رسول الله، أعقلها وأتوكل أو أطلقها وأتوكل؟ قال:((اعقلها وتوكل)). وهذا كله إشارة إلى أن التوكل لا ينافي الإتيان بالأسباب المباحة، بل قد يكون جمعها أفضل، وقد لقى عمر بن الخطاب جماعة من أهل اليمن فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: بل أنتم المتأكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله.
أكثر من وقع في التوكل الشركي:
لقد وقف المتصوفة في مباحث التوكل على جانبين متضادين؛ فترى بعضهم أخذوا بمعنى التوكل بدون أخذ الأسباب وهذا في غاية الجهل والسفه كما ذكر. وسأذكر فيما يلي مثالاً واحدًا من مئات الأمثلة على توكلهم على غير الله.
يقول الدباغ تلميذه في وصيته: إذا عرضت له حاجة أن يذكرها له فقط فيقضيها الشيخ له في الباطن، حيث يقول له: (إذا أردت قضاء حاجة لك أو لغيرك فاذكرها لي ولا تزد؛ أي لا تحرص في قضائها ولا تهتم بها؛ فإن ذلك سبب عدم قضائها. فكان الأمر كذلك، فكنا إذا عرضت حاجة وذكرناها له