للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالضرورة، وتجويز من جوزه لغير الله مراغمة لله ورسوله، وهو من أبلغ أنواع العبودية، فإذا جوز هذا المشرك هذا النوع للبشر، فقد جوزا لعبودية لغير الله، وأيضًا فالانحناء عند التحية سجود، ومنه قوله تعالى: (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً) أي منحنين، وإلا فلا يمكن الدخول على الجباه.

والمقصود: أن النفوس الجاهلية الضالة أسقطت عبودية الله سبحانه، وأشركت فيها من تعظمه من الخلق، فسجدت لغير الله، وركعت له، وقامت بين يديه قيام الصلاة، وحلفت لغيره، ونذرت لغيره، وحلقت، وذبحت لغيره، وطافت لغير بيته ... ، وسوت من تعبده من المخلوقين برب العالمين، وهؤلاء هم المضادون لدعوة الرسل، وهم الذين بربهم يعدلون، قال تعالى: (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ).

وإذا تقرر كون السجود لغير الله تعالى شركًا بالله تعالى، فينبغي أن نفرق بين سجود العبادة، وسجود التحية، فأما سجود العبادة فقد سبق الحديث عنه، وأما سجود التحية فقد كان سائغاً في الشرائع السابقة، ثم صار محرمًا على هذه الأمة، فهو معصية لله تعالى، فمن المعلوم أن سجود العبادة القائم على الخضوع والذل والتسليم والإجلال لله وحده هو من التوحيد الذي اتفقت عليه دعوة الرسل، وإن صرف لغيره فهو شرك وتنديد، ولكن لو سجد أحدهم لأب أو عالم ونحوهما وقصد التحية والإكرام فهذه من المحرمات التي دون الشرك، أما

<<  <  ج: ص:  >  >>