للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن قصد الخضوع والقرابة والذل له فهذا من الشرك، ولكن لو سجد لشمس أو قمر أو قبر، فمثل هذا السجود لا يتأتى إلا عن عبادة وخضوع وتقرب، فهو سجود شركي، وإليك توضيح ذلك من خلال النصوص التالية:

يقول الله تعالى: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا).

يقول ابن عطية ـ في معنى السجود ـ: (واختلف في هذا السجود، فقيل: كان كالمعهود عندنا من وضع الوجه بالأرض، وقيل: بل دون ذلك كالركوع البالغ ونحوه، مما كان سيرة تحياتهم للملوك في ذلك الزمان، وأجمع المفسرون أن ذلك السجود ـ على أي هيئة كان ـ فإنما كان تحية لا عبادة، قال قتادة: هذه كانت تحية الملوك عندهم).

ويقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: (وقد كان سائغاً في شرائعهم، إذا سلموا على الكبير يسجدون له، ولم يزل هذا جائزًا من لدن آدم إلى شريعة عيسى عليه السلام، فحرم هذا في هذه الملة، وجعل السجود مختصًا بجناب الرب سبحانه وتعالى، هذا مضمون قول قتادة وغيره ـ إلى أن قال ـ: والغرض أن هذا كان جائزًا في شريعتهم، ولهذا خروا له سجدًا).

ويقول محمد رشيد رضا عند تفسيره لقوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ): (وهو سجد لا نعرف صفته، ولكن أصول الدين تعلمنا أنه ليس سجود عبادة؛ إذ لا يعبد إلا الله تعالى، والسجود في اللغة التطامن والخضوع والانقياد، وأعظم مظاهره الخرور نحو الأرض للأذقان، ووضع الجبهة على التراب، وكان عند القدماء من تحية الناس للملوك والعظماء،

<<  <  ج: ص:  >  >>