وجه انقسام الدعاء إلى نوعين، وبيان تلازمهما وكونهما من العبادة، والدليل عليهما:
قد ذكرنا في تعريف الدعاء أن معناه هو الرغبة والقصد والتوجه إلى المدعو، وهذا القصد والتوجه إلى المدعو تارة يكون لذاته، وتارة لمسألته أمراً منه، وهذا كالشخص يدعو غيره، ويطلبه، ويقصده، تارة لذاته، وتارة لأمر يطلبه منه.
فالقصد إلى المدعو لذاته هو المسمى بدعاء العبادة والثناء، وتمتلئ القلوب فيه بعظمة الله وجلاله، والقصد إلى المدعو لمسألته هو المسمى بدعاء المسألة، وتمتلئ القلوب فيه بالرغبة والانطراح بين يدي الله تعالى، وهذا هو وجه انحصار وانقسام الدعاء إلى نوعين فقط.
تلازم نوعي الدعاء:
ذكرنا فيما سبق أن الدعاء ينقسم إلى دعاء عبادة، ودعاء مسألة، وهذا التقسيم معناه أن الدعاء يراد به تارة دعاء المسألة وتارة دعاء العبادة، وليس معناه أنهما متضادان بحيث أنه لا يدل إلا على النوع الذي أريد به، بل معناه: أنه في تلك الحالة دلالته على أحد النوعين أظهر، ويدل على النوع الآخر إما بدلالة الالتزام أو بدلالة التضمن، وعلى النوع الذي يكون فيه أظهر بدلالة المطابقة.
فإذا أريد به المسألة والطلب يدل على العبادة بطريق التضمن. لأن