هذا وجه استدلالهم المتصوفة بهذا الحديث ويا ليتهم وقفوا عند الاستدلال به على جواز التوسل بذات النبي وذلك حتى يهون الشر ـ وإن كان التوسل بالذوات هوا لباب الذي وقع عن طريقه كثير من أفراد الأمة الإسلامية في الإشراك بالله ـ بل تجاوزوا ذلك فأجازوا التوجه إلى الرسول وغيره من الصالحين بالدعاء والاستغاثة وطلب النفع والضر وقضاء الحوائج منهم.
ولو نظرنا إلى هذا الحديث وفهمنا معناه الفهم الصحيح سنرى أنه لا حجة فيه للمتصوفة وغيرهم الذين استدلوا به على جواز التوسل بذات النبي وغيره من الأولياء والصالحين، بل الحديث دليل على التوسل المشروع بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو التوسل بدعائه؛ وذلك لأنه لو كان التوسل بذات النبي كاف بدون التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم لما جاء ذلك الصحابي الجليل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه الدعاء، بل كان من اللائق به أن يكتفي بتوسله بذات النبي صلى الله عليه وسلم والتوجه إليه بالدعاء والاستغاثة كما يفعل المتصوفة اليوم، ولكن لم كان التوسل المشروع إلى الله هو التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يدعو الله له، وعلى هذا فالحديث دليل عليهم لا لهم كما وهم المتصوفة والقبوريين عامة.
وإليك أقوال العلماء في تحليل ألفاظ هذا الحديث والأحكام التي تستفاد منه:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ مرجحًا أن الأعمى توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ليرد إليه بصره، ولم يتوسل بذاته كما يزعم الكثيرون من المتصوفة وغيرهم:
(دعاء الموتى والغائبين من الأنبياء والملائكة والصالحين والاستغاثة بهم والشكوى إليهم، فهذا لم يفعله أحد من السلف من الصحابة والتابعين لهم