للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإحسان، ولا رخص فيه أحد من أئمة المسلمين.

وحديث الأعمى ... هو من القسم الثاني من التوسل بالدعاء، فإن الأعمى قد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بأن يرد الله عليه بصره، فقال له: ((إن شئت صبرت وإن شئت دعوت لك)). فقال: (بل ادع)، فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويقول: (اللهم إني أسألك بنبيك نبي الرحمة. يا محمد، يا رسول الله، إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه ليقضيها، اللهم فشفعه في). فهذا توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته، وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: (وشفعه في)، فسأل الله أن يقبل شفاعة رسوله فيه وهو دعاؤه.

وهذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات؛ فإنه صلى الله عليه وسلم ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره).

ومن العلماء الذين حللوا ألفاظ هذا الحديث تحليلاً دقيقاً الشيخ محمد نسيب الرفاعي، فقد قال رادًا على الذين يستدلون بهذا الحديث على مشروعية التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم:

(إن قول الأعمى: (ادع الله أن يعافيني) فيه بيان واضح جلي لقصد الأعمى من المجيء؛ وهو أنه ما جاء إلا من أجل أن يدعو له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفاء من ضره، وإن قوله صلى الله عليه وسلم مجيباً الأعمى: ((إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت وهو خير)) لدليل آخر على أن الأعمى ما جاء إلا من أجل الدعاء، وفيه تخيير من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء أو الصبر، حتى إذا شاء الأعمى الدعاء ودعا له، وفي تخييره هذا وعد بالدعاء إن شاءه.

<<  <  ج: ص:  >  >>