التوجه بالدعاء والاستغاثة إلى النبي صلى الله عليه وسلم والأولياء كما اتضح لنا ذلك في الأناشيد الشعرية التي قالها المتصوفة، والتي من أولها إلى آخرها شرك صريح بالله عز وجل وتأليه للرسول صلى الله عليه وسلم.
ولو نظرنا إلى حديث الأعمى فإننا لا نجد فيه لفظًا واحدًا من قريب أو بعيد فيه إشارة إلى جواز التوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم رأساً بالدعاء والاستغاثة كما رأينا في الأبيات السابقة التي توجه فيها المتصوفة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فإنني أقول: إن حديث الأعمى في الحقيقة ليس نصاً في محل النزاع، وإنما هو شيء خارج عنه، فإن نزاعنا مع المتصوفة الذين يدعون الأنيباء ليس في التوسل فحسب بنوعيه المشروع والممنوع، وإنما نزاعنا معهم هو في التوجه بالدعاء والاستغاثة إلى الرسول والأولياء الذي يفعلونه يوميًا ويسمونه توسلاً بالأنبياء والأولياء، مع أنه ليس كذلك بل هو دعاء واستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم والأولياء.
وتسمية المتصوفة له بالتوسل لا يخرجه عن حقيقته وهو كونه دعاء واستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وليس توسلاً به ولا بالأنبياء والأولياء، وهو يعتبر من باب تسمية الشيء بغير اسمه، وتسمية الشيء بغير اسمه لا يغير من حقيقة الشيء، فكون الخمر إذا سماه أحد من الناس عسلاً لا يغير ذلك من حقيقة الخمر بل هو باق على حقيقة الخمرية، وكون المتصوفة يسمون دعاء الرسول والاستغاثة به وكذلك الأولياء بأنه توسل بهم لا يغير ذلك من الحقيقة شيئًا بل هو باق على حقيقته وهو كون هذا الذي يفعله المتصوفة مع الرسول والأولياء دعاء واستغاثة بهم من دون الله، وهو عين الشرك بالله تعالى.