ثانياً: ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: ((اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون)).
ولقد فهم المتصوفة وغيرهم من القائلين بجواز التوسل بذوات الأنبياء والصالحين إلى الله من هذا الأثر بأن توسل عمر رضي الله عنه إنما كان بجاه العباس رضي الله عنه ومكانته عند الله سبحانه وتعالى، وأن توسله كان مجرد ذكر العباس في دعائه وطلب منه لله أن يسقيهم من أجله. وأما سبب عدول عمر رضي الله عنه عن التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم بزعمهم وتوسلاً بدلاً منه بالعباس رضي الله عنه فإنما كان لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل ليس غير.
المناقشة: إن فهم المتصوفة هذا فهم خاطئ، وتفسيرهم للحديث بهذا التفسير السابق مردود عليهم من وجوه كثيرة:
فإن من القواعد المهمة في الشرعية الإسلامية أن النصوص الشرعية يفسر بعضها بعضًا ولا يفهم شيء منها في موضع ما بمعزل عن بقية النصوص الواردة فيه؛ وبناء على ذلك فحديث توسل عمر السابق إنما يفهم على ضوء ما ثبت من الروايات والأحاديث الواردة في التوسل، والجميع متفقون على أن في كلام عمر:(كنا نتوسل إليك بنبينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا) شيئًا محذوفًا لابد له