من تقدير، وهذا التقدير إما أن يكون كنا نتوسل بجاه نبينا، وإنا نتوسل بجاه عم نبينا على رأي المخالفين، أو أن يكون؛ كنا نتوسل إليك بدعاء نبينا وإنّا نتوسل إليك بدعاء عم نبينا على رأينا نحن، ولابد من الأخذ بواحد من هذين التقديرين ليفهم الكلام بوضوح وجلاء.
وإذا أردنا أن نعرف أي التقديرين أصح لابد من الرجوع إلى السنة لتبين لنا طريق توسل الصحابة الكرام بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
فإذا نظرنا إلى الصحابة الكرام هل كانوا إذا أجدبت بلادهم يبقى كل واحد منهم في بلده، أو كانوا يجتمعون في بلد، أو كانوا يجتمعون دون أن يكون معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الحياة؛ فيدعون متوسلين بجاه محمد وذاته قائلين: اللهم بنبيك محمد وحرمته عندك ومكانته لديك اسقنا الغيث مثلاً، أم كانوا يأتون النبي ذاته فعلاً ويطلبون منه الدعاء فيحقق صلى الله عليه وسلم طلبهم ويدعو لهم ويسقون؟ .
أما الأمر الأول: وهو التوسل بذات الرسول وحرمته عند الله ومكانته دون الإتيان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب الدعاء منه فلا وجود له في السنة النبوية الصحيحة ألبتة، ولا عمله الصحابة الكرام. وما ورد في ذلك من آثار فهي كلها موضوعة وضعها المغرضون لإيقاع الناس في الشرك في الدعاء.
وأما الأمر الثاني: وهو التوسل إلى الله بطلب الدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم فقد ورد كثير منه في السنة النبوية وقد كان الصحابة الكرام يفعلونه، حيث أتى كثير من الصحابة يطلب الدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أجدبت بلادهم. وإليك حديثًا واحدًا يدل على أن الصحابة الكرام كانوا يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا بذاته وجاهه وحرمته ومكانته عند الله.
فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((بينما