للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، قحط المطر فادع الله أن يسقينا، فدعا فمطرنا فما كدنا أن نصل إلى منازلنا، فما زلنا نمطر إلى الجمعة المقبلة. قال: فقام ذلك الرجل أو غيره فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يصرفه عنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم حوالينا ولا علينا) قال: فلقد رأيت السحاب يتقطع يمينًا وشمالاً يمطرون ولا يمطر أهل المدينة)).

ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم كانوا يتوسلون إلى الله بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يأتون إليه يطلبون منه الدعاء، ولو كانوا يتوسلون بذاته ومكانته عند الله لما احتاجوا إلى الإتيان إلى المدينة وطلب الدعاء منه، بل لكانوا يتوسلون إلى الله وهم في أهليهم فيقولون: (اللهم بنبيك محمد ومكانته وجاهه وحرمته عندك اسقنا الغيث) فيسقون. ولكن هذا لم يفعله الصحابة الكرام لأنهم يعلمون أنه توسل غير مشروع. ولذا: نقول إن المحذوف في توسل عمر بالعباس هو (أنّا كنا نتوسل إليك بدعاء نبينا فتسقينا وأنّا نتوسل إليك بدعاء عم نبينا فاسقنا). وعلى هذا فتقدير المجيزين للتوسل الممنوع وهو قولهم: إن المحذوف في توسل عمر بالعباس هو كلمة الجاه في الموضعين غير صحيح؛ لأنه ليس لهم دليل يستندون إليه.

وإلى جانب ذلك هناك قرائن كثيرة تدل على أن التوسل من عمر رضي الله عنه كان بدعاء العباس لا بذاته ولا بجاهه ولا بمكانته، وهذه القرائن هي:

١ - عدول عمر عن التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم وهو أشرف خلق الله وأن التوسل به أولى من التوسل بغيره؛ وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مات ولا يمكن طلب الدعاء منه بعد موته؛ ولذلك عدل عمر عن التوسل به إلى التوسل بالعباس بن عبد المطلب، لأنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلب منه الدعاء، ولو كان عمر توجه بجاه العباس إلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>