لتوسل بجاه النبي لأنه أكبر جاهاً عند الله من العباس بن عبد المطلب.
ولكن لما كان التوسل المشروع هو التوسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم عدل عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يمكن طلب الدعاء منه بعد موته فتوسل بدعاء العباس ابن عبد المطلب لطلب السقيا، وعلى هذا نقول: إن استدلال المجيزين للتوسل بذات الشخص وجاهه ومكانته عند الله بهذا الحديث استدلال باطل؛ لأن الحديث ليس دليلاً بل عليهم، ولكن أوقعهم في الاستدلال به سوء مقصدهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رادًا على الذين يقولون بجواز التوسل بذات النبي وذات غيره من الأولياء ومؤكدًا بأن هذا لم يفعله الصحابة ولا التابعون بل هو من البدع المحدثة التي ابتدعها أهل الأهواء:
(فأما التوسل بذاته في حضوه أو مغيبه أو بعد موته ـ مثل الإقسام بذاته أو بغيره من الأنبياء، أو السؤال بنفس ذواتهم لا بدعائهم ـ فليس هذا مشهورًا عند الصحابة والتابعين، بل عمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان ومن بحضرتهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان لما أجدبوا استسقوا وتوسلوا واستشفوا بمن كان حيًا كالعباس ويزيد بن الأسود، ولم يتوسلوا ولم يستشفعوا ولم يستسقوا في هذه الحال بالنبي صلى الله عليه وسلم لا عند قبره ولا غير قبره بل عدلوا إلى البدل كالعباس وكيزيد، بل كانوا يصلون عليه في دعائهم، وقد قال عمر: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا).