فهذان التفسيران يدلان على أن الله تعالى أعظم في نفوسهم من آلهتهم، لوصفهم الله تعالى بالغني على التفسير الأول، وبالمشيئة المطلقة على الثاني، ولوصفهم أوثانهم بالفقر والحاجة، وعدم المشيئة.
الشبهة التاسعة: إن قول أبي سفيان يوم أحد (اعل هبل) أن يعلو في تلك الشدة يدل صراحة على أنهم كانوا يعبدون الله كعبادة الأصنام الأخرى وليس لكونه رباً حتى باعترافهم.
يجاب عن هذه الشبهة بما يلي:
إن معنى (اعل هبل): ظهر دينك، أو أظهر دينك، وعلى هذا فهو يخبر بظهور دين هبل على دين المسلمين وليس على خالق السموات والأرض، أو يدعوه بأن يظهر دينه على دين المسلمين.
ولو سلمنا أن معناه: أن هبل أعلى من إله المسلمين فهو على قصد أن إله المسلمين غير خالق السموات والأرض، فإن المشركين لا يعترفون بأن الله هو الذي أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم، بل يقولون: إنه ساحر، وكاذ وشاعر إلى آخر ذلك. ويدل عليه قصة الحديبية صراحة.
وإذا كان هناك احتجاج بكلام الكفار في الحرب فيقال لهذا القائل: ماذا تقول في كلام أبي جهل يوم بدر: (اللهم أقطعنا للرحم وأتانا بما لا نعرف فأحنه