الغداة فكان ذلك استفتاحًا منه فنزلت:(إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ).
والمقصود: أن القول بترادف الرب والإله غير صحيح، وبالتالي لا يقال: إن من أقر الله رباً، يكون مسلماً خالصاً فليدع ما شاء من دون الله، لا يخرج ذلك عن إسلامه ـ كما يقول به بعض المتصوفة وبعض الأشاعرة والماتريدية ـ.
الشبهة الثانية: ومن الشبه التي يستدل بها المتصوفة على جواز دعاء غير الله في الشدائد والاستغاثة به هو زعمهم بأنهم يدعون الأنبياء والصالحين ليتوسطوا لهم إلى الله:
ولها صورتان عند المتصوفة قديمًا وحديثًا.
الأولى: صورة فلسفية منطقية كلامية.
والثانية: صورة أمية عامية عادية.
أما الصورة الأولى فتقريرها: أن النفوس التي فارقت أبدانها أقوى من النفوس المتعلقة بالأبدان من بعض الوجوه؛ لأنها لما فارقت أبدانها زال عنها الغطاء والوطاء، وانكشف لها عالم الغيب، فالإنسان إذا ذهب إلى قبر إنسان قوي النفس كامل الجوهر شديد التأثير، ووقف عند قبره ساعة، وتأثرت نفسه من تلك التربة، حصل لنفس هذا الزائر تعلق بتلك التربة، وقد عرفت أن لنفس ذلك الميت تعلقاً بتلك التربة أيضاً، فحينئذ يحصل لنفس الحس ولنفس الميت ملاقاة بسبب اجتماعهما على تلك التربة، فصارت هاتان النفسان شبهتين