يجزي الجزاء الكيبر والعطاء العظيم لهؤلاء المخلصين، وإن كانت الطاعة في ظاهرها يسيرة أو قليلة.
يقول ابن تيمية في هذا الشأن:(والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه عبوديته لله، فيغفر الله به كبائر، كما في حديث البطاقة ... فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق، كما قالها هذا الشخص، وإلا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار كلهم يقولون التوحيد، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجح قول صاحب البطاقة) ـ ثم ذكر ابن تيمية ـ رحمه الله ـ حديث البغيّ التي سقت كلبًا فغفر الله لها، ... والرجل الذي أماط الأذى عن الطريق فغفر الله له ـ ثم قال:(فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر لها، وإلا فليس كل بغي سقت كلبًا يغفر لها، فالأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإجلال).
وفي المقابل إن أداء الطاعة بدون إخلاص وصدق مع الله، لا قيمة لها، ولا ثواب، بل صاحبها متعرض للوعيد الشديد، وإن كانت هذه الطاعة من الأعمال العظام كالإنفاق في وجوه الخير، وقتال الكفار، ونيل العلم الشرعي كما سيأتي معنا حديث الثلاثة؛ من المجاهد، والعالم، والجواد.
وقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة، وكثرة أقوال الأئمة في اشتراط الإخلاص للأعمال والأقوال الدينية، وأن الله لا يقبل منها إلا ما كان خالصًا وابتغي وجهه. قال تعالى:(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).