للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفيه إلى الماء وأخذ يدعوه إلى فيه من بعيد مشيرًا إليه بيده ليبل غلته، فلا هو نزل إلى البئر فشرب، ولا الماء ترتفع إليه لأنه جماد لا يحس بعطشه ولا يسمع دعاءه، وهكذا الأوثان لا تحس بدعاء عابديها لها، ولا تستجيب لهم؛ لأنها جمادات منحوتة على هيئة الأحياء، والعرب تضرب مثلاً لمن سعى فيها لا يدركه: القابض على الماء.

ب- عجزها على الخلق وعن استعادة ما يسلب منها:

وضرب الله ـ سبحانه وتعالى ـ مثلاً لبيان عجز آلهة المشركين عن خلق أضعف وأصغر المخلوقات، بل لو سلب هذا المخلوق الضعيف من الأصنام شيئًا ما استطاعت استرداده، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).

والمعنى بأن المشركين جعلوا لله شبهًا من الأصنام والأنداد التي عبدوها فاستمعوا لحال ما مثلوه وجعلوه شبهًا لله بعبادتهم إياه: إن كل ما تعبدون من دون الله لو اجتمعوا وتعاونوا ما خلقوا ذباباً في صغره وقلته وضعفه، بل لو سلبهم هذا الذباب شيئًا مما تجعلونه عليها من العسل والطيب، فإنهم لا يستخلصوه منه، ضعف الطالب وهو آلهة المشركين، والمطلوب وهو الذباب.

وفي هذا المثل غاية التحقير، والمهانة لآلهتهم، وفيه التقريع الشديد كذلك لعابديها مع علمهم بضعفها ومهانتها ومع ذلك يجعلونها مثلاً لله، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>