المثل من أبلغ المثال في تجهيل عابدي الأصنام وتقبيحهم واستركاك عقولهم والشهادة على أن الشيطان قد خزمهم بخزائمه حيث وصفوا بالإلهية ـ التي تتضمن القدرة على الخلق، والإحاطة بالكائنات كلها ـ صوراً وتماثيل لو سلبها الذباب مما دهنت به من العسل، والزعفران ما ردته عن نفسها ولا استنقذته منه.
والظاهر أن ضارب المثل هو الله ـ تعالى ـ ضرب مثلاً لما يعبد من دونه، فاستمعوا لحال هذا المثل.
وقد ذكر ابن القيم كلاماً موسعًا حول هذا المثل نقتطف منه قوله:(حقيق على كل عبد أن يستمع قلبه لهذا المثل ويتدبره حق تدبره فإنه يقطع مواد الشرك من قلبه، وذلك أن المعبود أقل درجاته أن يقدر على إيجاد ما ينفع عابده وإعدام ما يضره، والآلهة التي يعبدها المشركون من دون الله لن تقدر على خلق الذباب ولو اجتمعوا كلهم لخلقه فكيف ما هو أكبر منه؟ ولا يقدرون على الانتصار من الذباب إذا سلبهم شيئًا مما عليهم من طيب ونحوه فيستنقذوه منه، فلا هم قادرون على خلق الذباب الذي هو من أضعف الحيوانات، ولا على الانتصار منه واسترجاع ما سلبهم إياه، فلا أعجز من هذه الآلهة ولا أضعف منها، فكيف يستحسن عاقل عبادتها من دون الله؟ ).
جـ - مثل عجزها عن حماية غيرها:
وضرب الله ـ سبحانه وتعالى ـ مثلاً لبيان عجز آلهة المشركين عن حماية