يبين الله سبحانه وتعالى أن مثل أعمال الذين أشركوا بالله مثل سراب بأرض منبسطة يرى وسط النهار وحين اشتداد الحر، فيظنه العطشان ماءً، فإذا أتاه ملتمسًا الشرب لإزالة عطشه لم يجد السراب شيئًا، فكذلك الكافرون في غرور من أعمالهم التي عملوها وهم يحسبون أنها تنجيهم عند الله من الهلاك كما حسب العطشان السراب ماءً، فإذا صار الكافر إلى الله واحتاج لعمله لم ينفعه وجازاه الله به بالجزاء الذي يستحقه.
وقوله تعالى:(أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ) الآية هذا مثل آخر لأعمال الكفار، إلا أن المثل الأول في انخداع الكافر بعمله في الدنيا وغروره به، وهذا المثل لأعمال الكفار في أنها عملت على خطأ وفساد وضلال وحيرة على غير هدى، فهي في ذلك كمثل ظلمات في بحر عميق جدًا كثير الماء، وفوق هذا البحر العميق موج عال مخيف، وفوق هذا الموج موج آخر، وفوقهما سحاب متراكم، فاجتمعت عدة ظلمات، وهكذا عمل الكافر ظلمات في ظلمات.
قال ابن عباس وابن زيد في مثل السراب:(هذا مثل ضربه الله لأعمال الذين كفروا)، وقال قتادة وأُبي بن كعب في مثل الظلمات:(هذا مثل آخر ضربه الله للكافر يعمل في ضلال وحيرة)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:(ومثل أعمال الكافرين بالظلمة).