ولكن ابن كثير عدّ المثلين للكفار الدعاة وغير الدعاة، حيث جعل مثل السراب لعمل الكافر الداعية لمذهبه وكفره فيحسب أنه على كل شيء من الأعمال والاعتقادات وهو في واقع الأمر ليس على شيء.
وقال القرطبي:(ضرب الله مثلاً آخر للكفار أي أعمالهم كسراب بقيعة أو كظلمات، قال الزجاج: إن شئت مثل بالسراب وإن شئت مثل بالظلمات).
وقد ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين كلامًا جيدًا حول هذين المثلين، حيث يقول:(ذكر سبحانه للكافرين مثلين: مثلا بالسراب، ومثلا بالظلمات المتراكمة، وذلك لأن المعرضين عن الهدى والحق نوعان:
أحدهما: من يظن أنه على شيء، فيتبين له عند انكشاف الحقائق خلاف ما كان يظنه، وهذه حالة أهل الجهل، وأهل البدع والأهواء الذين يظنون أنهم على هدى وعلم فإذا انكشفت الحقائق تبين لهم أنهم لم يكونوا على شيء، وأن عقائدهم وأعمالهم التي ترتبت عليها كانت كسراب بقيعة يرى في عين الناظر ماء ولا حقيقة له، وهكذا الأعمال التي لغير الله وعلى غير أمره يحسبها العامل نافعة له وليست كذلك ... ، وتأمل جعل الله سبحانه السراب بالقيعة ـ وهي الأرض القفر الخالية من البناء والشجر والنبات والعالم ـ فمحل السراب أرض قفر لا شيء بها، والسراب لا حقيقة له، وذلك مطابقة لأعمالهم وقلوبهم التي أقفرت من الإيمان والهدى، وتأمل ما تحت قوله: (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ) والظمآن الذي قد اشتد عطشه فرأى السراب فظنه ماء فتبعه فلم يجد شيئًا بل خانه أحوج ما كان إليه، فكذلك هؤلاء لما كانت أعمالهم على غير طاعة الرسول